
ليست هذه ثلاثية نجيب محفوظ، بل هي ثلاثية الواقع المرّ: البلطجي هو أمريكا وإسرائيل ومعهما الصهيونية المسيحية- اليهودية، والحرافيش هم العرب والمسلمون الذين يقفون بين ذلّ الاستسلام وفرصة استعادة الكرامة.
“لماذا يهتاج البلطجي؟”
لقد هزّته عزائم المقاومة وصمود غزة، ودوّخته عمليات القدس، وكشفت ضعف جبروته أسابيع من الحرب لم تحقّق له هدفًا.
هذا الهياج ليس مجرد رد فعل على بندقية مقاوم، بل هو محاولة مستميتة لإكمال المخطط:
إنهاء فلسطين كدولة وشعب وهوية.
إجبار قطر وحماس على الانسحاب من التفاوض حتى يُستكمل سيناريو الإبادة والتهجير.
تسويق الحرب كرسالة عقدية صليبية للشرق الأوسط بأن زمن الاستقلال قد انتهى.
“أين القانون الدولي؟”
أي قانون؟! صار القانون الدولي شاهد زور.
الأمم المتحدة صامتة مقيدة بالفيتو الأمريكي.
أوروبا شريكة بالتواطؤ أو بالمشاركة.
والعالم العربي ـ إلا من رحم الله ـ سمح للطائرات المعتدية أن تمرّ من سمائه، بل باركها بالصمت أو بالتصريحات المواربة.
أما البعد العقدي فهى حرب صليبية معاصرة. تصريحات قادة الغرب وقيادات الكنائس تكشف أن ما يجري ليس نزاعًا حدوديًا، بل امتداد لمعركة تاريخية: صليبية- صهيونية في مواجهة الإسلام. لذلك يتكرّر المشهد في كل جولة: غزة اليوم، وغدًا قد تكون أي عاصمة عربية أو إسلامية أخرى.
أين الأمة وأين الحكام؟
الحكام العرب، في أغلبهم، توهّموا أن الخضوع للبلطجي ضمان لبقائهم. لكن الصواريخ التي مرت فوق رؤوسهم تقول: “أنتم الهدف القادم”.
الضمان الحقيقي ليس في الولاء لأمريكا ولا في الانبطاح لإسرائيل، بل في التحامهم بشعوبهم وإحياء مشروع الأمة.
“ياسادة.. ياكرام.. يا أعزائى”..
البلطجي اليوم مجروح مهزوم رغم سلاحه وناره، لأن حفنة من المجاهدين أرهقوه وكشفت ضعفه. لكن الخطر ليس في قوته بل في فرقة الحرافيش.
إنها لحظة سؤال أمام الله والتاريخ:
ماذا فعلتم لأنفسكم ولشعوبكم؟
هل استسلمتم للذل، أم قدّمتم الكلمة والموقف والدعم، قبل أن تجدوا أنفسكم بين يدي الله بصاروخ لا يفرّق بين قصر الحاكم وكوخ الفقير؟.
هذه حرب صليبية على الإسلام، لكن فيها أيضًا فرصة النهضة: إن توحّد الحرافيش صاروا أمّة لا تُهزم.