
غزة اليوم ليست رقماً في نشرات الأخبار ولا مشهداً عابراً في نشرات القنوات، بل جرح مفتوح يفيض بالدماء والأنين.
أطفالها ينامون على صوت القصف ويستيقظون على أنقاض البيوت، نساؤها تبحث عن لقمة خبز أو دواء لا يجد طريقه إلى القطاع، ورجالها يقفون بين ركامٍ يذكّر بأن المدينة كانت هنا.
في المقابل، يجتمع العالم في قاعات مؤتمراته، يصدر بيانات شجب واستنكار، ويطلق تهديدات دبلوماسية مفرغة من المضمون.
آخر القمم العربية والإسلامية لم تتجاوز حدود “البيان الختامي”، لم توقف قصفاً ولم تفتح معبراً، فيما تستمر آلة الحرب الصهيونية في الإبادة الممنهجة، وتستعجل تدمير ما تبقى من حياة في غزة.
حقائق دامغة لا يمكن إنكارها
- أعداد الضحايا تجاوزت عشرات الآلاف بين شهيد وجريح، بحسب تقارير وزارة الصحة في غزة ومنظمات الأمم المتحدة.
- المجاعة والمرض يهددان مئات الآلاف مع نقص الغذاء والدواء والوقود، وسط تحذيرات أممية من انهيار إنساني شامل.
- المجتمع الدولي يكتفي بالتصريحات والقلق، دون إجراءات ملزمة توقف الحرب أو تضمن حماية المدنيين.
”قراءة استراتيجية”
ما يحدث ليس مجرد حرب عابرة، بل استكمالٌ لمشروع صهيوني قديم يرمي إلى تفريغ الأرض من أهلها، وتحويل غزة إلى “أرض بلا شعب”.
الدعم الدولي لإسرائيل– سياسياً وعسكرياً– يجعلها تمضي بلا رادع، بينما يكتفي العرب والمسلمون بالخطابات والبيانات.
لكن التاريخ يثبت أن الشعوب حين تتحرك، وحين تتوحد جهود المجتمع المدني والحركات الإسلامية والهيئات الإنسانية،يمكن أن تفرض معادلات جديدة، وتكسر حالة العجز الرسمي.
”خطوات عملية عاجلة”
- إطلاق صندوق إغاثة موحد وشفاف لإدارة التبرعات، يخضع لرقابة علنية ويضمن وصول كل دعم إلى مستحقيه.
- فتح معابر إنسانية تحت إشراف أممي لتوصيل الغذاء والدواء والوقود فوراً.
- حملة توثيق قانونية للجرائم والانتهاكات وتقديمها إلى محكمة الجنايات الدولية ولجان التحقيق الأممية.
- إعلام هادف ومؤثر: إنتاج مواد قصيرة باللغات العالمية لنقل الصورة الإنسانية وتعبئة الرأي العام.
- شبكات طبية عابرة للحدود: تجهيز فرق إغاثية ومشافي متنقلة لاستقبال الحالات الحرجة.
- ضغط دبلوماسي منسق على العواصم المؤثرة لفرض وقف فوري للعمليات العسكرية.
- مبادرات شبابية رقمية لمواجهة الرواية الصهيونية ونشر الحقائق عبر المنصات العالمية.
”نداء للأمة”
أيها الأحرار… أيها المسلمون:
كفانا شعارات.
كفانا بكاءً على الأطلال.
غزة تنزف وتنتظر الفعل لا القول.
إذا اجتمعت جمعياتكم وأوقافكم وحركاتكم على مشروع موحد، يمكن أن نمنع سقوط آلاف الأرواح.
إن النصر لا يأتي بالبيانات، بل بالعمل المخلص. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من مات ولم يغزُ، ولم يُحدث نفسه بالغزو، مات ميتة جاهلية» [رواه مسلم].
غزة اليوم هي ميدان اختبار للأمة كلها: هل نرضى أن يُمحى اسمها من الخريطة لتُذكر في كتب التاريخ: “كانت هنا مدينة اسمها غزة”؟ أم ننهض ونستجلب نصر الله بالعمل والجهاد بكل أشكاله المشروعة؟
ختاما:
الوقت يضيق، والمخطط يكاد يكتمل. إنقاذ غزة ليس ترفاً ولا خياراً مؤجلاً، بل فرض عين على كل قادر.
العالم قد يتعامى، لكننا نحن المعنيون بأن نكتب التاريخ: إما أن نكون شهود عجز وصمت، أو بناة فعل ونصر.
ألا إن نصر الله قريب.