جلال فيروز لـ”أخبار الغد”: قمّة الدوحة لم ترتقِ إلى مستوى التحديات وظلّت في دائرة الرمزية

في تصريح خاص لـ”أخبار الغد”، اعتبر الدكتور جلال فيروز، المحلل السياسي وعضو البرلمان البحريني السابق، أن قمة الدوحة العربية ـ الإسلامية الأخيرة لم ترقَ إلى مستوى التحديات الخطيرة التي تواجه المنطقة، وظلت ـ على حد وصفه ـ “في دائرة الرمزية المكرورة”.
وقال فيروز إن القمة التي انعقدت عقب الاعتداء الإسرائيلي على الأراضي القطرية، وهو اعتداء اعتبره “بالغ الوقاحة” ويؤكد أن إسرائيل قادرة على خرق أي حدود، لم تُترجم إلى قرارات بحجم الخطر، بل اقتصرت على “إدانة إنشائية” سرعان ما تتبخر في هواء السياسة الدولية.
وأوضح أن البيان الختامي، رغم لغته الحادة، خلا من أي آلية ردع أو عقوبات محددة، فلم يتضمن تشكيل لجنة تحقيق دولية أو فرض خطوات اقتصادية ودبلوماسية ضاغطة، مضيفاً أن الشعوب كانت تنتظر خطوات عملية بحجم المأساة “لكن ما صدر لم يتجاوز بيانات الشجب والاستنكار”.
وأشار فيروز إلى “المفارقة الكبرى”، على حد تعبيره، في أن قطر التي استضافت القمة وجعلت من الوساطة رسالتها السياسية منذ اندلاع حرب غزة، تعرّضت سيادتها لانتهاك مباشر دون أن تواجه القمة التهديدات الإسرائيلية بحزم يليق بخطورتها.
وأضاف: “أي معنى يبقى للوساطة إذا كانت الدولة الوسيطة نفسها غير مصونة من العدوان؟”.
كما شدد على أن القمة لم تُرفق كلماتها بآليات متابعة واضحة، متسائلاً: “من سيُحاسب؟ من سيرفع الدعوى أمام محكمة الجنايات الدولية؟ من سيلاحق مجرمي الحرب؟”، مؤكداً أن الإجابات غابت بينما “الشعوب تكتوي بلهيب الغياب”.
وانتقد فيروز غياب أي خطوات قانونية جدّية على صعيد محكمة العدل الدولية أو مجلس الأمن، معتبراً أن القمة بدت مترددة في مواجهة الغرب، فآثرت الاحتماء وراء العبارات الرمزية بدلاً من خوض معركة القانون الدولي “حيث تكمن أدوات التأثير الحقيقية”.
ولفت إلى أن الشارع العربي والإسلامي عبّر عن استيائه من البيان الختامي الذي وصفه بـ”الضعيف”، مشيراً إلى دعوات متزايدة لاتخاذ إجراءات ملموسة مثل تجميد التطبيع، المقاطعة الاقتصادية، وسحب السفراء.
وكشف أن بعض التقارير تحدثت عن “تنسيق ضمني مع الولايات المتحدة في صياغة البيان”، ما عزز الانطباع بأن النصوص خضعت للتخفيف لتلائم موازين القوى الغربية أكثر من تلبيتها تطلعات الشعوب.
وختم د. فيروز تصريحه قائلاً: “قمّة الدوحة لم تكن سوى مرآة لما نعانيه منذ عقود: انفصال بين الشعارات والقرارات، وبين الطموحات والقدرة على التنفيذ.
ما لم تتحول هذه القمم إلى أدوات عملية قادرة على تغيير موازين القوى، ستظل مجرّد مهرجانات خطابية تُسجَّل في دفاتر التاريخ كلحظات رمزية بلا أثر. إن تحرير الإرادة السياسية هو الخطوة الأولى نحو تحرير الأرض والإنسان”.