أميركا بين التفرد الاقتصادي وإرباك النظام العالمي: الفائدة والدولار في قلب المعادلة

تتصدر الولايات المتحدة الاقتصاد العالمي بحصة تبلغ 26% من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 111.33 تريليون دولار بنهاية 2024، محتفظة بالدولار كعملة رئيسية للتسويات الدولية.
غير أن هذا التفرد، الذي تعزز منذ الحرب العالمية الثانية وصعود العولمة، ألقى بظلاله السلبية على بقية الاقتصادات، من التخلي عن قاعدة الذهب إلى سياسة الرسوم الجمركية في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
قرار الفدرالي الأميركي الأخير بخفض الفائدة 0.25% انعكس مباشرة على الأسواق العالمية، فارتفعت أسعار الذهب والعملات المشفرة، وتبعت دول عديدة القرار ذاته.
لكن تصريحات رئيس الفدرالي جيروم باول حملت تحذيرات من مخاطر استمرار التضخم عند 3.5% وضعف سوق العمل، مما قد يوقف مسار التخفيضات ويعيد شبح الركود.
المعضلة أن العالم كله يظل أسير سياسات الفائدة الأميركية؛ ارتفاعها يضر بالدول المقترضة، وانخفاضها يقلل عوائد الدول ذات الفوائض المالية.
أما الدولار فبات سلاحًا اقتصاديًا وسياسيًا في آن واحد، إذ تؤثر تقلباته على ثروات الدول ومدخرات الأفراد، وتُستخدم أدواته في فرض العقوبات الاقتصادية.
ومع تصاعد الدعوات منذ أزمة 2008 لفك الارتباط عن الهيمنة الأميركية، لا يزال غياب البديل العادل يرسّخ التبعية.
فالحاجة ملحّة إلى نظام نقدي عالمي جديد يطرح عملة تسوية دولية بديلة، ويضع قواعد عادلة لسعر الصرف والفائدة والتضخم.
وحتى يتحقق ذلك، يبقى الاقتصاد العالمي رهينة قرارات واشنطن وتقلبات سياستها النقدية.