
خطة ترامب لتحويل احتلال غزة من عملية إسرائيلية إلى احتلال «دولي/محمي» تهدف إلى تطويع الساحة الدولية والعربية لصالح حلول مهينة للفلسطينيين. الدول العربية والأوروبية أبدت ترحيبًا أو صمتًا يضع الفلسطينيين خارج معادلات القرار، ويترك المقاومة في مأزق بين رفض يؤدي لمزيد من الدمار والموافقة التي تعني تنازلاً عن المقاومة والحقوق.
خطة ترامب لاحتلال غزة ليست خطة سلام؛ إنها اقتراح استسلام مهين لشعب بأكمله، لا للمقاومة وحدها. ما طرحه لم يكن سلامًا دائمًا كما ادّعى المتحدثون، بل إطارًا يضع الفلسطينيين خارج أي مفاوضة حقيقية لحقوقهم وكرامتهم. المثير للدهشة — أو للأسى — هو الترحيب السريع من دول عربية وأوروبية أظهرت من خلاله استعدادًا لتقاسم «الشرعية» مع مخطط يجهض حق شعب في تقرير مصيره.
قد يبرر الأوروبيون موقفهم بالمصالح، لكن مبررًا لا يليق بدول عربية تدّعي التضامن. هذه الدول، كما يبدو، تريد التحرر من عبء الشعور بالذنب والعجز، وتخشى مواجهة آلة عسكرية إسرائيلية مدعومة أمريكيًا. كثير من الأنظمة الخليجية، على سبيل المثال، لم تختبر حربًا كاملة على أرضها؛ لذلك فإن فكرة مواجهة ردّ عسكري — ولو محدود — تكفي لردعها. الاعتداء على الدوحة مثلًا كان إنذارًا أوّليًا للجميع: لا أحد يريد اختبار نار دولة الاحتلال.
هذا الموقف يضع المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، أمام اختبار مستحيل. الرفض يعني تحميل دماء أهل غزة استكمال دورة العنف والإبادة، والموافقة تعني التنازل عن المقاومة واعتراف عملي باحتلال دولي بقيادة أمريكا وحلفائها. لا يمكن لأي منا أن يعيش ألم أهل غزة أو يقرر مكانهم؛ هم الذين يُعانون الجحيم الآن ويتخذون قرارات قد تبدو لنا مستحيلة. أدعو الله أن يرفع البلاء عن أهل غزة، ويهب للمقاومة حكمة القرار الصائب، وأن يحمينا جميعًا.