رئيس حقوقي ليبي: معالجة ملف الهجرة تبدأ من الجنوب ومراكز الإيواء تحولت إلى “أوكار”

تناول أحمد حمزة، رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا (غير حكومية)، في تصريحات صحفية ملف الهجرة غير النظامية الذي وصفه بـ”الشائك”، مؤكداً أن الحل يبدأ من الجنوب الليبي وليس من السواحل، وأن المعالجات الأمنية فشلت منذ عقدين في إنهاء الأزمة.
فشل الرؤية الأمنية
قال حمزة إن الحكومة الليبية لا تضع ملف الهجرة في أولوياتها، بل تتعامل معه كردّات فعل وليس كفاعل، مشيراً إلى أن غياب التنسيق بين مؤسسات الدولة جعل المنظمات الحقوقية تُعتبر خصماً لا شريكاً. وأضاف أن “الرؤية الأمنية العقيمة لم تُجدِ نفعاً منذ عقدين من الزمن، وفشلت في معالجة هذا الملف ذي الأبعاد الإنسانية والقانونية والحقوقية”.
رفض التوطين والتحريض
وبشأن الدعوات لعدم توطين المهاجرين والأجانب، بمن فيهم الفلسطينيون، أوضح حمزة أن رفض التوطين لا ينبغي أن يتحول إلى مبرر للعنف أو لانتهاك حقوق المهاجرين. وقال: “التحريض والإساءة للأشقاء الفلسطينيين في ليبيا أمر مرفوض ومجرّم قانوناً، ويجب محاسبة كل من تورط في ذلك”. وذكّر بأن الفلسطينيين أجبروا على اللجوء منذ عام النكبة 1948، وأنهم بطبيعتهم لا يقبلون البقاء في غير وطنهم.
حقوق الفلسطينيين في ليبيا
تحدث حمزة عن أوضاع الفلسطينيين الذين عاشوا في ليبيا منذ عهد المملكة الليبية مروراً بالنظام السابق وصولاً إلى المرحلة الحالية، مؤكداً أنهم لم يحصلوا على الجنسية الليبية رغم منحهم حقوقاً أساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والعمل.
ضغوط خارجية
وحول محاولات جهات خارجية الدفع بتوطين المهاجرين في ليبيا، قال حمزة: “حتى إن وُجد مخطط، فإن مواجهته لا تكون بالتحريض والكراهية بل بوضع سياسة وطنية تبدأ بتأمين الحدود الجنوبية وتنتهي بوقف عمليات الصد في البحر”. وانتقد الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي، معتبراً أنها حولت ليبيا إلى “حارس للسواحل الجنوبية لأوروبا” دون مراعاة للمصلحة الوطنية.
انتهاكات مراكز الإيواء
كشف حمزة عن انتهاكات خطيرة في مراكز إيواء المهاجرين، خاصة في بئر الغنم والعسة جنوب غرب طرابلس، حيث وصلت التجاوزات إلى حد الاتجار بالبشر وفرض مبالغ مالية تصل إلى 20 ألف دينار للإفراج عن المهاجرين. وقال إن بعض المهاجرين يُجبرون على دفع 3 آلاف دينار لاسترجاع جوازاتهم، بينما يُحشر المئات في حاويات صفيح تفتقر لأبسط المعايير الإنسانية.
دور القضاء والتعاون الحقوقي
أوضح حمزة أن هناك تعاوناً كاملاً بين المنظمات الحقوقية والسلطات القضائية، بما في ذلك مكتب النائب العام ونيابة الهجرة وقسم حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن هذا التعاون ساهم في إيجاد معالجات لعدد من القضايا ذات الطابع الجنائي والحقوقي.
وختم حديثه بالتأكيد على أن معالجة الملف تتطلب رؤية شاملة وتعاوناً متكاملاً بين جميع الأطراف، بعيداً عن الحلول المنفردة أو الرؤى الأحادية.