المغربالمغرب العربي

المغرب على صفيح ساخن: احتجاجات “جيل زد” تدخل أسبوعها الثاني والحكومة تراهن على خطاب الملك لاحتواء الغضب الشعبي

وسط تصاعد احتجاجات شباب “جيل زد” في المغرب، تواصل الحكومة تحركاتها المكثفة لاحتواء الغضب الشعبي، بينما لا يزال آلاف الشبان متمسكين بالشارع، بانتظار قرارات ملموسة تستجيب لمطالبهم المعيشية والاجتماعية.

ولليوم الثامن، شهدت مدن مغربية عدة السبت مظاهرات سلمية واسعة عقب هدوء نسبي رافق احتجاجات الخميس والجمعة، وذلك بعد مواجهات دامية الثلاثاء والأربعاء أسفرت عن مقتل 3 أشخاص وإصابة المئات، إلى جانب خسائر مادية وتوقيفات واسعة، وفق ما أعلنت السلطات.

ويقود تلك المظاهرات شباب من “جيل زد” المولودين بين منتصف تسعينيات القرن الماضي والسنوات الأولى من القرن الحالي، في أوج ثورة التكنولوجيا الحديثة والإنترنت، بينما يترقب الرأي العام خطاب الملك محمد السادس الجمعة المقبلة خلال افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، وسط توقعات بأن يحمل الخطاب مؤشرات حاسمة بشأن مستقبل الحكومة وموقف القصر من الأزمة.

يرى رئيس مؤسسة “وسيط المملكة” حسن طارق أن سقف مطالب المتظاهرين يبقى منخفضا مقارنة بحركات احتجاجية سابقة، إذ يركز الشباب على قضايا التعليم والصحة ومحاربة الفساد دون رفع شعارات سياسية راديكالية.

وقال طارق إن “حجم الاحتجاجات أقوى من سقف مطالبها”، موضحا أن جيل الشباب الحالي يعيش توترا بين وعيه العميق بحقوقه وصعوبة الوصول إليها فعليا في مجالات الخدمات الأساسية، ما يولد حالة إحباط وتوتر.

من جهته، قال عبد الجبار الراشدي كاتب الدولة المكلف بالإدماج الاجتماعي إن الفضاء العمومي لم يعد محصورا في الواقع، بل أصبح افتراضيا في تجارب عدة دول، مؤكدا أن “التحدي اليوم يتمثل في إيجاد توازن بين الديمقراطية التمثيلية والتعبيرات الرقمية عبر الحوار واستيعاب مختلف الأصوات”.

والجمعة، طالب شباب “جيل زد” في رسالة وجهوها إلى الملك محمد السادس ونشروا نصها على منصات التواصل الاجتماعي بـ”إقالة الحكومة الحالية بسبب فشلها في حماية القدرة الشرائية للمغاربة وضمان العدالة الاجتماعية”، كما طالبوا بـ”إطلاق مسار قضائي نزيه لمحاسبة الفاسدين، وحل الأحزاب المتورطة في الفساد، وضمان فرص متكافئة للشباب في التعليم والصحة والشغل، وتعزيز حرية التعبير، والحق في الاحتجاج السلمي، وإطلاق سراح جميع المعتقلين المرتبطين بالاحتجاجات”.

في المقابل، قال وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي إن الحكومة تعتزم افتتاح 24 مستشفى جديدا خلال الأشهر القادمة ضمن خطة تطوير البنية التحتية الصحية، مضيفا أنه تم توظيف 1200 طبيب اختصاصي هذا العام، وأن الإصلاحات “تسير على قدم وساق لكنها تحتاج وقتا لتظهر نتائجها”.

وأعلنت وزارة الداخلية أن ما يزيد على 70 بالمئة من المشاركين في الاحتجاجات هم من القاصرين، مشيرة إلى استخدام بعضهم “أسلحة بيضاء ورشقا بالحجارة وإشعال الإطارات”، مضيفة أن أعمال تخريب ونهب طالت نحو 80 مرفقا عموميا وخاصا في 23 إقليما، وأسفرت المواجهات عن مقتل 3 محتجين وإصابة 640 شخصا بينهم 589 من عناصر الأمن.

وبينما تواجه الحكومة أحد أصعب اختباراتها منذ تعيينها عام 2021، تبقى الأنظار موجهة إلى خطاب الملك الجمعة المقبل، الذي قد يحدد ملامح المرحلة اللاحقة بين التهدئة عبر قرارات إصلاحية ملموسة أو مزيد من التصعيد في الشارع إذا غابت الحلول الفعلية.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى