مقالات وآراء

د.تامر المغازي يكتب: المجلس العربي يحذّر من “فخاخ” خطة ترامب ويؤكد: الترتيبات الحالية ليست حلاً بديلاً عن التحرير

تشرفت بحضور ورشة حوارية عربية عن بُعد تناقش مستقبل القضية الفلسطينية و التي طالبت بتحويل التضامن العالمي إلى فعل مؤسسي دائم برئاسة الدكتور المنصف المرزوقي، رئيس الجمهورية التونسية الأسبق ورئيس المجلس العربي، عقدها المجلس العربي مساء الخميس ورشة حوارية خاصة “عن بُعد” تحت عنوان “مستقبل القضية الفلسطينية في ظل خطة ترامب”.

وشهدت الورشة مشاركة نخبة من الشخصيات السياسية والحقوقية والأكاديمية من مختلف أنحاء العالم العربي، في توقيت بالغ الحساسية يأتي بعد عامين من الحرب على غزة وإعلان اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار.

افتتح المشاركون النقاش بتعبيرهم عن “الفرح” بانتهاء معاناة أهل غزة و”الأمل” في أن يكون الاتفاق بداية لنهاية كابوسهم الإنساني.

لكن هذا الارتياح كان مشوبًا بـ”ألم عميق” إزاء ما خلّفته الحرب من مئات الآلاف من الضحايا بين شهيد وجريح ومفقود، وتدمير شبه كامل للبنية التحتية.

وسرعان ما طغى على النقاط الإيجابية شعور جماعي بالحذر والريبة من ما وصفوه بـ”الفخاخ السياسية” الكامنة في خطة ترامب، والتي رأوا أنها قد تعيد إنتاج نظام وصاية دولي على القطاع، محرمة الشعب الفلسطيني من سيادته الكاملة وحقه في تقرير مصيره.
فقد مشاعر مختلطة بين ارتياح حذر وألم عميق .

وكان هناك تساؤلات جوهرية وتشخيص للواقع و حاولت الورشة الإجابة عن أسئلة محورية لخصت روح النقاش: أين نقف اليوم مما جرى؟
ماذا نريد كعرب في المرحلة المقبلة؟
وكيف نحققه في ظل اختلال موازين القوى؟
وأجمع المشاركون على أن الترتيبات الحالية، بما فيها اتفاق وقف إطلاق النار، هي ترتيبات “مؤقتة” هدفها معالجة الآثار الإنسانية والدمار، وليست بأي حال “حلاً دائماً” أو بديلاً عن مشروع التحرير الوطني الشامل.

وكذلك تحليلات متقاطعة ما بين بارقة أمل ومخاوف مُبرَّرة

سلطت المداولات الضوء على جانب إيجابي تمثل في تعهد الرئيس ترامب بعدم السماح بضم الضفة الغربية، وهو ما اعتبره البعض انتكاسة لأجندة اليمين الإسرائيلي المتطرف.

كما أُشير إلى وجود ضمانات من دول وساطة رئيسية (تركيا، مصر، قطر) قد تفتح أفقاً لاستقرار متوسط المدى.

في المقابل، عبّر مشاركون آخرون عن خشيتهم من أن تكون هذه الضمانات “شكلية”، وأن يعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى استئناف الحرب بمجرد استكمال عملية تبادل الأسرى، مستجيباً لضغوط ائتلافه الحاكم.

ولاحظ المحللون مفارقة مهمة فبينما خسر الشعب الفلسطيني الكثير إنسانياً وعمرانياً، إلا أنه كسب “تضامناً عالمياً واسعاً غير مسبوق” أعاد الاعتبار للقضية في الرأي العام الدولي، وهو رأس مال سياسي وأخلاقي يجب استثماره.

و من الناحية القانونية، هاجم المشاركون الأسس التي تقوم عليها خطة ترامب، معتبرين أنها تسعى عملياً إلى حصر الدولة الفلسطينية داخل حدود قطاع غزة، مما يمثل إحياءً لـ”السلام الاقتصادي” المجرد من السيادة و ملاحظات قانونية حادة فالخطة تفتقر للأسس القانونية .

كما تساءلوا بحدة عن “من يملك صلاحية التوقيع” على مثل هذه الاتفاقيات، مستندين إلى معاهدة فيينا للمعاهدات (1969) التي لا تجيز للحركات المسلحة التوقيع باسم الدول.

ورأى البعض أن تغييب منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية أضعف الموقف التفاوضي.

وأكد المجتمعون أن “حق تقرير المصير” يعد قاعدة آمرة في القانون الدولي لا يجوز الالتفاف عليها، وأن أي اتفاق يخالفها هو “باطل من حيث المبدأ”.

كما أثاروا القلق من “غياب آلية واضحة لحل النزاعات” في الخطة، ومن تشكيل “مجلس وصاية” برئاسة ترامب وتوني بلير دون صلاحيات معلنة، واصفين إياه بمصدر “مخاطر جسيمة”.

خرجت الورشة بمجموعة من التوصيات التي تمثل خارطة طريق للمرحلة القادمة، دعت إلى استمرار الضغط الدولي على الولايات المتحدة وإسرائيل لمنع العودة إلى الحرب.

وإرسال وفود عربية إلى غزة لدعم الإغاثة وإعادة الإعمار. والحفاظ على ديمومة الحراك الشعبي والحقوقي عربياً ودولياً. وتوحيد الصف الفلسطيني الداخلي كشرط لأي تمثيل حقيقي.

وكذلك الحفاظ على السردية التاريخية للقضية الفلسطينية ومواجهة محاولات طمسها.

ورفض “السلام بالإكراه” الذي يفرض الأمر الواقع، والتأكيد على أن أي سلام لا يقوم على إنهاء الاحتلال هو “سلام زائف”.

وتحويل التضامن الدولي الراهن إلى فعل مؤسسي دائم عبر الشبكات المدنية والإعلامية.

انها رؤية للمستقبل من الصمود إلى التحرك المؤسسي .

في الخلاصة العامة، اتفق المشاركون على أن “الصمود الفلسطيني هو بحد ذاته انتصار”، وأن دماء الشهداء لن تذهب هدراً ما دام الوعي والنضال مستمرين.

وأكدوا أن الحرية والعدالة والسلام العادل لن تتحقق إلا بإنهاء الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه الكامل في تقرير مصيره.

فالصمود انتصار والنضال مستمر .

كما أعاد المجلس العربي التأكيد على استمراره في دوريه الدفاعي والتوثيقي، داعماً للمسارات القانونية الدولية ومفعلًا للمبادرات الفكرية التي تحفظ وحدة الموقف العربي وتستنهض الضمير الإنساني العالمي دفاعاً عن حق لا يسقط بالتقادم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى