الصين تردّ بلا تردّد: تكتيكات من “مدرسة ترامب” التجارية

بدأت الصين في تبنّي استجابة هجومية صارمة للعقوبات والرسوم الأميركية، حيث فرضت قيودًا جديدة على تصدير المعادن النادرة وهدّدت شركات الشحن الكبرى بعقوبات، في مؤشر واضح على تصاعد الصدام التجاري بين القوتين.
وصف تقرير لبلومبيرغ هذا الأسلوب بأنه “لعب على طريقة ترامب”، في إشارة إلى استخدام الصين أساليب المساومة القصوى في المفاوضات.
قيود التصدير: حرب على المكونات والقطاعات الحساسة
في خطوة نوعية، أصدرت بكين قرارًا يقضي بأن القيود على المعادن النادرة تشمل أيضًا الشحنات التي ترسلها شركات أجنبية إذا احتوت مكونات صينية. هذا القرار أثر على سلاسل التوريد العالمية في قطاعات التكنولوجيا والطاقة، وهو ما يوازي إلى حدّ ما إجراءات واشنطن ضد صادرات الرقائق المتقدمة.
وفق المحللين، تهدف الصين من هذه الاستراتيجية إلى توظيف ورقة المعادن النادرة كأداة ضغط اقتصادية، خصوصًا أنها تسيطر على نحو 70٪ من الإنتاج العالمي، ما يمنحها نفوذًا استراتيجيًا أمام المنافسين.
“مفاوضة باتجاه التصعيد”: اقتباس تكتيكي من ترامب؟
وصف كبير الاقتصاديين الصينيين في بنك نومورا، تينغ لو، أن بكين تتبنّى بعض التكتيكات التفاوضية المعروفة من عهد ترامب، مثل الطلبات الافتتاحية المفرطة وتهديدات الانسحاب الجدية.
وهذا الأسلوب يُعدّ تغييرًا عن النهج التقليدي للصين في المنافسة التجارية، والذي كان يعتمد غالبًا على الردود الدبلوماسية بدل المواجهة العلنية.
رد واشنطن: “هجوم على الصناعة العالمية” ولقاءات منتظرة
ردّت الولايات المتحدة عبر تصريح لوزير الخزانة سكوت بيسنت، الذي عدّ القيود الصينية “استهدافًا مباشرًا لسلاسل الإمداد الصناعية في العالم الحر”.
وأشار إلى أن الصين “وجّهت مدفعًا نحو قاعدة الصناعة العالمية”، مع وعد بعدم السماح لها بفرض سيطرتها على النظام التجاري.
إلا أن بيسنت لم يُغلق الباب تمامًا، حيث أشار إلى استمرار المحادثات التحضيرية بين الجانبين في واشنطن، ولقاء مرتقب بين مسؤولين أميركيين وصينيين على هامش قمة مرتقبة بين ترامب وشي في كوريا الجنوبية.
الأسواق في دوامة: القلق يتغذّى على الأمل والرجحان
شهدت الأسواق العالمية اضطرابًا ملحوظًا بعد تهديد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 100٪ على الواردات الصينية، لكن بعض الانتعاش حصل حين ظهرت إشارات لتهدئة محتملة.
ومع الإعلان الصيني عن عقوبات على وحدات شحن أميركية-كورية، عادت المخاوف إلى الواجهة، ما يؤكد أن التوازن في الأسواق هش ومتصادم.
الصين تشبك أوراقها: مناعتها عبر التنوع الاستراتيجي
وفق التقرير، فإن التصعيد الأخير يبيّن أن بكين باتت تستخدم أدوات مشابهة لأدوات الضغط الأميركية: الرسوم الانتقامية، العقوبات الانتقائية، والمناورة الاستراتيجية في الأسواق الحساسة.
ولم تعد الصين المعتمدة فقط على الردود التقليدية، بل أصبحت تستعد للتفاوض من موقف قوي مدعوم بقدرات صناعية وتجارية متشعبة.
تبدّل المعنى: من “حرب رسوم” إلى سباق نفوذ تكنولوجي
المحللون باتوا يرون أن ما يجري الآن ليس مجرد صراع ضريبي، بل سباق نفوذ اقتصادي وتقني على مستوى سلاسل القيمة، حيث تتقاتل قوتان اقتصاديتان كبيرتان على شكل النظام التجاري العالمي.
ويُعتبر هذا التحوّل في الأسلوب دلاليًا على أن الصين تستعد لمرحلة جديدة من المنافسة الشاملة، ليست فقط على التجارة بل على الهيمنة التقنية.