لوفيغارو: الحكومة الفرنسية تتراجع عن إصلاح التقاعد لإرضاء الحزب الاشتراكي

أفادت صحيفة لوفيغارو الفرنسية في عددها الصادر يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 بأن الحكومة الفرنسية بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون قررت التراجع عن أحد أبرز إصلاحاتها الاقتصادية المتعلقة بنظام التقاعد، في خطوة وصفتها بأنها تنازل سياسي كبير يهدف إلى كسب تأييد الحزب الاشتراكي (PS) وضمان استقرار الأغلبية البرلمانية.
وجاء في التقرير أن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو أعلن أمام البرلمان نيّة مراجعة جذرية لقانون التقاعد الذي أثار خلال العامين الماضيين موجات احتجاجات سياسية ونقابية، مشيرًا إلى أن هذا التراجع يأتي في إطار “توافق وطني ضروري لتفادي أزمة سياسية جديدة”.
تنازل استراتيجي لتفادي حجب الثقة
ووفقًا للتقرير، فإن الخطوة جاءت بعد مفاوضات مكثفة مع الحزب الاشتراكي، الذي أعلن أنه لن يدعم حجب الثقة عن الحكومة في حال أُجري هذا التنازل.
وُصف القرار بأنه تراجع عن واحدة من الركائز الإصلاحية التي تبنّاها ماكرون منذ بدء ولايته، والتي كانت تتضمّن رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عامًا كجزء من محاولات تأمين الاستدامة المالية للقطاع التقاعدي.
وقد وُصِف هذا التراجع بأنه انتصار سياسي لليسار الفرنسي، الذي برهن من خلال الضغوط البرلمانية والشعبية على قدرته في التأثير على صياغة السياسات الاقتصادية للحكومة.
ما الذي تغير؟ — ما بعد التنازل
استنادًا إلى ما نقلته وكالات أنباء غربية، فإن رئيس الوزراء لوكورنو أعلن عن تعليق مؤقت للإصلاح حتى ما بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2027، مع تعهّد بعدم رفع سن التقاعد قبل يناير 2028.
وأشار إلى أن تعليق الإصلاح سيكلف الخزينة الفرنسية نحو 400 مليون يورو في 2026 و1.8 مليار يورو في 2027، وأكد أن التكاليف يجب أن تُعوَّض من خلال إجراءات تقشّف أو إيرادات إضافية.
كما تعهّد لوكورنو بعدم استخدام المادة 49.3 من الدستور لتمرير القوانين بدون تصويت برلماني، وهو مطلب أساسي للحزب الاشتراكي لتفادي تجاوز قوى المعارضة.
هذا التراجع اعتبره بعض المراقبين خطوة ضرورية لإنقاذ الحكومة من السقوط في تصويت حجب الثقة ملوحًا به من أحزاب اليسار المتطرف (La France Insoumise) واليمين المتطرف (Rassemblement National).
ردود الفعل السياسية والاجتماعية
- الحزب الاشتراكي رحّب بالقرار واعتبره انتصارًا لقدرته على التأثير وتأكيدًا على ضرورة أن تكون الإصلاحات اجتماعية ومتوازنة.
- من جهة أخرى، رأى بعض قادة اليسار المتطرف أن هذا التراجع مؤقت وغير كافٍ وأن الاصلاح يجب أن يُسحب نهائيًا وليس تأجيله.
- في الأوساط المحافظة وبعض المحللين، اعتبر القرار تحوّلًا واضحًا في توجه الحكومة واعترافًا بأن الإصلاح السابق فاقد للقبول، مما قد يضعف من مصداقية ماكرون لدى أنصاره.
- نشطاء نقابيون جدد رأوا في القرار انتصارًا للحراك الشعبي الذي عارض القانون، لكنهم يحذّرون من أن التراجع المؤقت قد يعيد فتح النزاع إن لم تُقدّم بدائل واضحة.
تداعيات على العجز المالي والدولة
يُشير المراقبون إلى أن تعليق الإصلاح سيُفاقم الضغوط على ميزانية الدولة، وبخاصة في ظل الديون المرتفعة ونفقات الرعاية الاجتماعية.
لكن الحكومة تراهن على أن التنازلات السياسية تأتي في توقيت معيّن يُمكنها من استعادة الاستقرار البرلماني قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة.
كذلك، يُعتبر الأمر بمثابة اختبار لقدرة ماكرون على الموازنة بين التزامات النمو المالي واستحقاقاته الإصلاحية، من جهة، وضغوط الشارع والقوى السياسية من جهة أخرى.
ترجمة وتحليل خاص – أخبار الغد
لوفيغارو: الحكومة الفرنسية تتراجع عن إصلاح التقاعد لإرضاء الحزب الاشتراكي