إسرائيل.. مشروع قانون لتجميد محاكمة نتنياهو يثير جدلاً واسعًا واتهامات بـ”ضرب استقلال القضاء”

تشهد الساحة السياسية في إسرائيل جدلاً متصاعدًا، بعد إعلان وسائل إعلام عبرية أن اللجنة الوزارية للتشريع في الكنيست ستناقش، الأحد، مشروع قانون جديد يقضي بتجميد الإجراءات القانونية ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في خطوة اعتبرتها نقابة المحامين الإسرائيلية “انتهاكًا خطيرًا لاستقلال القضاء” وتهديدًا لأسس الديمقراطية.
بن غفير يقف وراء المشروع
ووفق ما أفادت به القناة السابعة العبرية، فإن حزب “عوتسما يهوديت” (قوة يهودية) الذي يتزعمه وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، هو من قدّم المشروع عبر النائبة ليمور سون هار ميليخ، مشيرة إلى أن القانون يمنح لجنة الكنيست صلاحية وقف الإجراءات الجنائية ضد نتنياهو أو أي وزير في الحكومة.
وأضافت القناة أن المشروع يستهدف بالأساس تجميد أو عرقلة محاكمة نتنياهو في القضايا التي يواجه فيها اتهامات بالفساد والرشوة وإساءة الأمانة، وهي الملفات المعروفة إعلاميًا بـ”1000″ و”2000″ و”4000″.
كما كشفت القناة أن بن غفير اتفق مع وزير القضاء ياريف ليفين على تمرير القانون خلال جلسة اليوم، في خطوة من شأنها أن تسمح لنتنياهو بوقف محاكمته رسميًا حال إقراره من قبل الكنيست.
نقابة المحامين: “انتهاك خطير للديمقراطية”
من جانبها، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول بارز في نقابة المحامين الإسرائيلية قوله إن مشروع القانون يمثل “حملة خطيرة على الديمقراطية”، مضيفًا:
“هذا المشروع يشكل انتهاكًا خطيرًا لاستقلال القضاء، ويمثل تجاوزًا واضحًا لاتفاقية تضارب المصالح التي تمنع نتنياهو من التدخل في قضاياه المنظورة أمام المحكمة.”
وأكد المصدر أن تمرير مثل هذا القانون سيعد “سابقة خطيرة” تمسّ النظام القانوني وتضعف مبدأ الفصل بين السلطات.
خلفيات سياسية ودعم أمريكي ضمني
ويأتي هذا التطور بعد نحو أسبوعين فقط من اقتراح قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي، دعا فيه نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى منح نتنياهو عفوًا عن تهم الفساد، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لتثبيت التحالف السياسي بين واشنطن وتل أبيب.
ويرى مراقبون أن هذا المقترح الأمريكي قد شجع حلفاء نتنياهو في اليمين المتطرف على تحريك مشروع قانون التجميد لتفادي الإدانة المحتملة التي تهدد استمراره في رئاسة الحكومة.
محاكمات ممتدة منذ 2019
تعود جذور القضية إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2019، حين قدّم المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية آنذاك أفيخاي مندلبليت لائحة اتهام رسمية ضد نتنياهو، تتضمن ثلاث قضايا فساد كبرى.
وبدأت محاكمته عام 2020، إلا أنها ظلت تراوح مكانها وسط ضغوط سياسية متكررة ومحاولات متواصلة من المقربين منه لتعطيلها.
ويرد نتنياهو على هذه الاتهامات بالقول إنها “حملة سياسية تستهدف الإطاحة به”، مؤكدًا براءته ومشدّدًا على أنه “لن يتنحى تحت ضغط القضايا المفتعلة”.
مذكرة اعتقال دولية تزيد المشهد تعقيدًا
وتضاف إلى هذه التطورات الداخلية تعقيدات دولية، بعدما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 مذكرة اعتقال بحق نتنياهو، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة، وهي المذكرة التي أثارت حينها أزمة دبلوماسية بين إسرائيل وعدد من الدول الأوروبية.
أزمة حكم غير مسبوقة
ويرى محللون سياسيون أن مشروع القانون الجديد، إذا تم تمريره، قد يُدخل إسرائيل في أزمة دستورية غير مسبوقة، ويعمّق الانقسام القائم بين السلطة القضائية والحكومة، في ظل احتجاجات متكررة منذ العام الماضي ضد محاولات الائتلاف الحاكم إضعاف المحكمة العليا وتغيير طبيعة النظام القضائي.
وبينما يسعى نتنياهو إلى النجاة من المحاكمة وتثبيت موقعه السياسي، تزداد مخاوف الأوساط القانونية والمدنية من تحول إسرائيل إلى دولة لا يحكمها القانون بل النفوذ السياسي، في واحدة من أكثر اللحظات حساسية في تاريخها السياسي الحديث.






