نتنياهو يماطل مجددًا: إسرائيل تؤجل حسم دخول الصحفيين إلى غزة بشعار “سياسة جديدة”

أبلغت الحكومة الإسرائيلية، الأحد، المحكمة العليا اعتزامها صياغة “سياسة جديدة” خلال شهر تتعلق بموقفها من السماح بدخول الصحفيين إلى قطاع غزة، في خطوة وصفتها وسائل إعلام عبرية ومراقبون بأنها محاولة جديدة للتهرب من المساءلة الدولية بعد عامين من منع التغطية المستقلة للإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.
مماطلة متواصلة تحت غطاء “السياسة الجديدة”
وذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية أن حكومة بنيامين نتنياهو قدّمت للمحكمة العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، ردًا على التماسات مقدّمة من مؤسسات إعلامية طالبت بتمكين الصحفيين من دخول القطاع.
وقالت الحكومة في إفادتها إنها ستصوغ خطة أو سياسة جديدة خلال شهر، وتقدّم تقريرًا رسميًا للمحكمة بحلول 23 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، مضيفةً أنه “حتى الانتهاء من هذه الخطة ستستمر إمكانية دخول بعض الصحفيين إلى غزة، ولكن فقط تحت حراسة الجيش الإسرائيلي حتى الخط الأصفر“، وهو خط يفصل بين المناطق التي يحتلها الجيش داخل القطاع وتلك التي لا يتواجد فيها.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تمثّل استمرارًا لنهج المماطلة الإسرائيلية، خاصة بعد رفض المحكمة العليا مؤخرًا السماح بدخول الصحفيين الأجانب إلى غزة بشكل حر ومستقل.
رابطة الصحافة الأجنبية: الحكومة تتهرب من الشفافية
وأعربت رابطة الصحافة الأجنبية في إسرائيل عن خيبة أملها العميقة من قرار المحكمة العليا الذي سمح للحكومة بمواصلة المنع، مؤكدة في بيان رسمي:
“ندرك أن المحكمة طلبت من الحكومة تقديم موقف واضح خلال 30 يومًا، لكننا نأمل أن تتخذ المحكمة موقفًا حازمًا ضد أي تأخير إضافي من جانب الدولة”.
وأضافت الرابطة أن الحكومة الإسرائيلية تعتمد على أساليب المماطلة المتكررة بهدف منع الصحفيين من أداء واجبهم المهني وحرمان الجمهور من الحق في الوصول إلى المعلومات، مشيرة إلى أن السلطات سعت على مدى عامين متواصلين إلى تأجيل أي التزام قانوني بالسماح بالتغطية الإعلامية من داخل القطاع.
جرائم ضد الصحفيين: أكثر من 238 قتيلاً منذ 2023
وبحسب تقارير منظمات حقوقية وإعلامية فلسطينية ودولية، فإن الجيش الإسرائيلي قتل ما لا يقل عن 238 صحفيًا وصحفية فلسطينيين منذ بدء الحرب في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إضافة إلى إصابة واعتقال عشرات آخرين، في ما تصفه المنظمات بأنه استهداف ممنهج للصحافة الفلسطينية.
وأكدت هذه المنظمات أن منع إسرائيل دخول الصحفيين الدوليين واستهدافها نظراءهم المحليين يهدف إلى إخفاء جرائم الإبادة الجماعية وتقييد نقل الحقيقة إلى العالم، مشيرة إلى أن هذا السلوك يشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني وحرية الصحافة.
اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: سياق إنساني مأساوي
ويأتي هذا التطور في ظل اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في 10 أكتوبر الجاري بين إسرائيل وحركة “حماس”، وفق خطة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وشمل أيضًا تبادل أسرى بين الجانبين.
وبحسب الإحصاءات الفلسطينية الرسمية، فإن الحرب التي استمرت عامين خلّفت 68 ألفًا و519 قتيلًا فلسطينيًا، وأكثر من 170 ألفًا و382 مصابًا، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب دمار طال نحو 90% من البنية التحتية المدنية في القطاع، ما يجعل منع التغطية الإعلامية جزءًا من سياسة التعتيم على كارثة إنسانية غير مسبوقة.
ضغط دولي متزايد على تل أبيب
تواجه حكومة نتنياهو ضغوطًا دولية متصاعدة من منظمات حقوقية وصحفية كبرى، بينها مراسلون بلا حدود ولجنة حماية الصحفيين والاتحاد الدولي للصحفيين، تطالب جميعها برفع القيود فورًا عن دخول الإعلام الدولي إلى غزة، والتحقيق في الانتهاكات الجسيمة ضد الصحفيين الفلسطينيين.
ويرى محللون أن استمرار إسرائيل في فرض التعتيم الإعلامي على ما يجري داخل القطاع، يعمّق عزلتها الدولية، ويزيد من الشكوك حول مسؤوليتها القانونية عن الجرائم التي ارتُكبت خلال الحرب، مؤكدين أن الصحافة الحرة تبقى خط الدفاع الأخير أمام التزييف والتعتيم.

