العالم العربي

إسرائيل تسعى لضمانات أمريكية تتيح استمرار عملياتها العسكرية في غزة رغم القوة الدولية

كشفت تقارير عبرية أن إسرائيل تُجري مفاوضات مع واشنطن للحصول على ضمانات رسمية تتيح لها مواصلة عملياتها العسكرية في قطاع غزة دون التعرض لعقوبات دولية، وذلك في حال صدور قرار من مجلس الأمن بشأن تشكيل قوة دولية في القطاع ضمن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام.

مفاوضات حول مذكرة تفاهم مع واشنطن

وذكرت التقارير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية في حكومته رون ديرمر يقودان مفاوضات مع الإدارة الأمريكية بهدف الحصول على مذكرة تفاهم أو “مكتوب جانبي” يُرفق بمشروع القرار الأممي المرتقب حول مستقبل قطاع غزة.

وتسعى إسرائيل من خلال هذه المذكرة إلى ضمان حرية عمل قواتها العسكرية والأمنية داخل القطاع بعد نشر القوة الدولية، التي يُتوقع أن تشمل قوات عربية وإسلامية تشارك في مهمة “تثبيت الاستقرار” ونزع سلاح الفصائل الفلسطينية.

مشروع القرار الأممي

ومن المقرر أن يطرح مجلس الأمن الدولي خلال الأيام المقبلة مشروع القرار الأمريكي الذي ينص على إنشاء قوة “إنفاذ دولية” تعمل في غزة لمدة عامين قابلة للتمديد.
وبحسب المقترحات المطروحة، ستتولى هذه القوة تأمين الحدود بين غزة وإسرائيل ومصر، إضافةً إلى حماية المدنيين والممرات الإنسانية، وتدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة تشرف على إدارة الأمن الداخلي في القطاع.

وتأتي هذه القوة ضمن خطة ترامب لوقف إطلاق النار التي دخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي بين إسرائيل وحركة حماس، بعد حرب استمرت عامين وأوقعت عشرات آلاف القتلى والجرحى في غزة.

ضمانات تمنح إسرائيل حرية التحرك

وأشارت التقارير إلى أن تل أبيب تطلب من واشنطن تعهدًا مكتوبًا يسمح لها بمواصلة عملياتها العسكرية في حال فشل القوة الدولية في نزع سلاح حركة حماس أو منع تهديدات جديدة ضدها.

وتسعى إسرائيل إلى أن يتضمن التعهد الأمريكي تحديدًا واضحًا لنطاق تحركاتها العسكرية داخل غزة، بما يضمن عدم تعرضها لأي مساءلة أممية مستقبلية.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تهدف إلى حماية إسرائيل من أي قرارات دولية تقيّد عمل جيشها أو تمنح سلطات ميدانية للقوة الدولية المزمع تشكيلها.

تشابه مع تجربة لبنان 2006

ووفق التحليلات الإسرائيلية، فإن الآلية المقترحة تشبه التفاهمات التي رافقت اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان عام 2006، حين حصلت إسرائيل على مذكرة جانبية من واشنطن سمحت لها بالتحرك ضد “حزب الله” عند الضرورة، غير أن هذه المرة تثير خلافات حادة داخل الحكومة الإسرائيلية.

فقد أبدى عدد من وزراء اليمين القومي والديني تحفظات على المفاوضات الجارية مع الأمريكيين، محذرين من أن مشاركة قوات أجنبية في غزة قد تُقيد الجيش الإسرائيلي وتمنح السلطة الفلسطينية أو القوة الدولية صلاحيات ميدانية داخل القطاع.

انقسام داخل الحكومة الإسرائيلية

وأفادت التقديرات بأن الملف لم يُعرض بعد على المجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية، فيما يخشى شركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني من أن يؤدي القرار الأممي المرتقب إلى تقليص حرية الحركة العسكرية لإسرائيل وفرض قيود ميدانية على الجيش.

وتُظهر المعطيات الأولية أن الولايات المتحدة لم تحسم بعد موقفها من منح إسرائيل الضمانات المطلوبة، وسط تباين داخل إدارة ترامب بشأن مدى اتساع هامش التحرك العسكري المسموح به بعد نشر القوة الدولية.

دوافع نتنياهو السياسية

ويرى محللون أن نتنياهو يسعى من خلال الحصول على هذه المذكرة إلى تهدئة شركائه في الائتلاف الحاكم وتجنب أزمة سياسية داخلية، خصوصًا مع تزايد الانتقادات من داخل معسكر اليمين حول كيفية التعامل مع مرحلة ما بعد الحرب.

كما يعتبر المراقبون أن الوثيقة، حال توقيعها، ستشكل غطاءً قانونيًا وسياسيًا لإسرائيل ضد أي عقوبات محتملة من مجلس الأمن في حال خالفت نص القرار الدولي.

اتفاق وقف إطلاق النار وخسائر الحرب

وكان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس قد أنهى حربًا استمرت عامين، بدأت في 8 أكتوبر 2023، وأسفرت عن مقتل نحو 69 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 170 ألفًا آخرين، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية لقطاع غزة.

ويُنتظر أن تحدد المفاوضات الجارية بين واشنطن وتل أبيب ملامح المرحلة المقبلة في غزة، خاصة ما يتعلق بدور القوة الدولية وصلاحياتها الأمنية، ومدى التنسيق مع إسرائيل أو السلطة الفلسطينية في إدارة شؤون القطاع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى