الفاشر تواجه مأساة إنسانية غير مسبوقة وسط استمرار القتال في دارفور

يشهد الوضع الإنساني في مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور غربي السودان، تدهوراً حاداً مع تعذر وصول فرق الإغاثة الدولية، وفق ما أكده المدير الإقليمي لإفريقيا باللجنة الدولية للصليب الأحمر، باتريك يوسف، الذي وصف ما يجري بأنه “مأساة كبيرة يعانيها المدنيون نتيجة الحرب”.
يوسف شدد على ضرورة تمكين كوادر الصليب الأحمر من الوصول فوراً إلى المدينة لتقديم المساعدات العاجلة، مؤكداً أن “لا أحد يعلم بدقة ما يحدث في الفاشر” التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع وتدور فيها مواجهات عنيفة مع الجيش السوداني.
سيطرة الدعم السريع ومجازر موثقة دولياً
في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر، وارتكبت – بحسب منظمات محلية ودولية – مجازر بحق المدنيين، فيما اعترف قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) بوقوع “تجاوزات” مدعياً تشكيل لجان للتحقيق.
وتأتي هذه الأحداث بينما تستمر الحرب بين الجيش والدعم السريع منذ أبريل/نيسان 2023، مخلفة عشرات الآلاف من القتلى ونحو 13 مليون نازح داخل وخارج السودان.
حصار طويل انتهى بموجة عنف “هائلة”
وأشار يوسف إلى أن الوضع تدهور “بشكل ملحوظ” منذ بداية الصراع، وأن حصار الفاشر الذي استمر لأشهر انتهى بموجة عنف كبيرة أدت إلى مقتل الآلاف.
وأضاف:
“نريد أن نكون على الأرض للاستجابة للاحتياجات، لكن ليس لدينا أي قدرة على العمل هناك. لا نعرف عدد المتضررين أو طبيعة الاحتياجات بدقة”.
وتابع أن تقاريرهم الأولية تتحدث عن سوء تغذية حاد، واعتقالات، ووضع إنساني غامض ومقلق للغاية.
وضع مأساوي في عموم السودان
يوسف أكد أن خبرة اللجنة الدولية التي تمتد لـ40 عاماً في السودان تمنحها القدرة على فهم حجم الاحتياجات، مشيراً إلى أن الوضع الإنساني “مأساوي أينما نظرنا في السودان”.
وشدد على ضرورة تحسين الوصول وتأمين المجال للعمل الإنساني لجميع المنظمات المحلية والدولية، مؤكداً امتلاك الصليب الأحمر القدرة والموارد للتدخل فوراً.
كما كشف عن حوار جارٍ مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مع التأكيد على ضرورة احترام المخاوف المشروعة لكلا الطرفين، وأن هدف المنظمة هو “تقديم المساعدة للناس فقط”.
فرار الآلاف دون طعام أو دواء
وأوضح المسؤول الإنساني أن أعداداً من الفارين من الفاشر وصلوا إلى مدينة تافيلا (60 كلم) دون أي متاع:
“لم يستطيعوا حمل الطعام لأنه لم يكن موجوداً، ولم يحملوا حفاضات أو أدوية لأطفالهم لعدم قدرتهم على الوصول إليها”.
وأشار إلى أن فرق الصليب الأحمر تعمل الآن على تلبية احتياجات هؤلاء الفارين وعدم خذلانهم.
أكثر من 100 ألف نازح منذ سقوط الفاشر
الخميس، أعلنت الأمم المتحدة فرار أكثر من 100 ألف شخص من الفاشر ومحيطها منذ سيطرة الدعم السريع على المدينة في أكتوبر.
وفي الوقت نفسه تشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث اشتباكات ضارية أدت إلى نزوح عشرات الآلاف خلال الأيام الأخيرة.
أما على مستوى السيطرة الميدانية، فتحكم قوات الدعم السريع السيطرة على جميع ولايات دارفور الخمس باستثناء أجزاء من شمال دارفور، بينما يحتفظ الجيش بسيطرته على معظم الولايات الـ13 الأخرى، بما فيها العاصمة الخرطوم.
خاتمة سياقية
تأتي هذه التطورات بينما يتفاقم الانهيار الإنساني في السودان مع غياب أي أفق لحل سياسي، في وقت تحذر فيه المنظمات الدولية من اقتراب البلاد من واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في القرن الحالي.






