مقالات وآراء

أحمد هلال يكتب: الإخوان المسلمون ومحاولات التصنيف بين الواقعية والبراغماتية

تعددت محاولات سعي الأنظمة السلطوية الاستبدادية في المنطقة العربية لتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية ومن قبلها بريطانيا
وحيث أن هناك معايير وقانون يقيد تلك القرارات السياسية فإنه ليس من السهولة بمكان صدور هذا القرار رغم عدم مصداقية تلك الحكومات وتوجهاتها الداعمة للاستبداد السياسي في المنطقة
ورغم صدور هذا التصنيف في احد الولايات الأمريكية غير أنه غير واجب التنفيذ لمخالفته القانون وسهولة الطعن عليه
وفي استعراض سريع نقدم

ورقة تحليلية توضح: حدود تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية في السياسة الأميركية

تُعد عملية تصنيف المنظمات ككيانات إرهابية في الولايات المتحدة من أكثر الإجراءات تعقيدًا وتشابكًا، إذ تقوم على مزيج من المتطلبات القانونية والمعطيات الأمنية والاعتبارات السياسية. ويحدد قانون الهجرة والجنسية الأميركي (INA §219) ثلاثة شروط أساسية للتصنيف: أن تكون المنظمة أجنبية، وأن تنخرط في أعمال إرهابية مثبتة، وأن تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأميركي. وتشارك في هذه العملية وزارة الخارجية ووزارة العدل والخزانة وأجهزة الاستخبارات، ما يجعل القرار نتيجة لتفاعل مؤسسي واسع لا يخضع غالبًا للرغبات السياسية وحدها.

ورغم الضغوط التي مورست خلال العقد الأخير، خاصة من بعض دوائر اليمين الأميركي ومن حكومات إقليمية، لم تُصنَّف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية. ويعود ذلك إلى غياب الأدلة القانونية التي تثبت انخراط الجماعة في أعمال عنف ممنهجة، أو تورطها في استهداف مصالح أميركية، فضلًا عن غياب أي ارتباط تنظيمي مثبت بينها وبين جماعات مثل القاعدة أو داعش. وتؤكد الأدبيات الأكاديمية الغربية والعربية أن الجماعة—منذ السبعينيات—تبنت نهجًا يقوم على المشاركة السياسية السلمية، مع وجود تباينات في ممارستها من بلد لآخر، لكن دون انخراطها في العنف العابر للحدود.

كما أن الطبيعة اللامركزية لتنظيم الإخوان تشكل عقبة رئيسية أمام التصنيف؛ فالفروع المتعددة تعمل في سياقات متباينة، بعضها جزء من الحياة السياسية (كما في الأردن والمغرب)، وبعضها في مواجهة مع السلطة (كما في مصر)، وبعضها ذو طابع اجتماعي وخيري. وبالتالي، فإن تصنيفًا شاملًا للجماعة سيُربك علاقات الولايات المتحدة مع دول تعتمد على فروع محلية للإخوان ضمن توازناتها السياسية والاجتماعية.

على المستوى الداخلي الأميركي، يتقاطع الجدل حول الإخوان مع صعود خطاب يربط بين الإسلام السياسي والتهديد الأمني، إلا أن مؤسسات الدولة المعنية—وخاصة وزارة الخارجية—قدمت اعتراضات متكررة على أي تصنيف لا يستند إلى أدلة مادية، محذرة من انعكاساته السلبية على الجاليات المسلمة والمنظمات المدنية، وعلى الحرية الدينية، وعلى مكانة الولايات المتحدة كدولة تحترم المعايير القانونية في سياساتها.

أما في الشرق الأوسط، فإن الدول الداعمة للتصنيف—مثل مصر والإمارات والسعودية—تنطلق من اعتبارات سياسية تتعلق بالمنافسة الداخلية والخوف من صعود الحركات الإسلامية، وليس من معايير مكافحة الإرهاب بالمعنى القانوني الضيق. وتُظهر الدراسات أن هذه الأنظمة تعاني من هواجس أمنية وسياسية بنيوية، مرتبطة بضعف المؤسسات واعتمادها على القمع السياسي، ما يدفعها إلى توسيع مفهوم الإرهاب ليشمل القوى المعارضة. ويُرجح أن يؤدي أي تصنيف للجماعة إلى تعزيز التوجهات السلطوية في المنطقة، وتقليص مساحات المشاركة السياسية، وزيادة احتمالات الاستقطاب وعدم الاستقرار.

إن مراجعة الإطار القانوني الأميركي، والدراسات الأكاديمية الغربية والعربية، والبيئة الإقليمية، تؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين لا تستوفي المعايير اللازمة لتصنيفها كمنظمة إرهابية بموجب القانون الأميركي. كما أن أي خطوة في هذا الاتجاه ستكون سياسية في جوهرها أكثر من كونها قانونية، وستحمل تبعات واسعة قد تهدد الاستقرار الإقليمي وتضع الولايات المتحدة في موقع المنحاز إلى مشاريع سلطوية على حساب مسارات الانفتاح السياسي.

المراجع

مراجع عربية

  1. أبو رمان، محمد. الإسلاميون في الأردن: دراسة في تطور الفكر والهيكل والتنظيم. مركز الدراسات الاستراتيجية، الجامعة الأردنية، 2014.
  2. الهلباوي، كمال. الإخوان المسلمون: سنوات ما قبل الثورة وما بعدها. دار الشروق، 2013.
  3. حيدر إبراهيم علي. أزمة الإسلام السياسي. مركز الدراسات السودانية، 2005.

مراجع إنجليزية

  1. Wickham, Carrie Rosefsky. The Muslim Brotherhood: Evolution of an Islamist Movement. Princeton University Press, 2013.
  2. Gerges, Fawaz. The Far Enemy: Why Jihad Went Global. Cambridge University Press, 2005.
  3. Lynch, Marc. The New Arab Wars. PublicAffairs, 2016.
  4. U.S. Department of State. Country Reports on Terrorism. Annual.
المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى