الخارجية السودانية تؤكد التزامها بسلام “عادل وشامل” وسط تصاعد اعتداءات الدعم السريع

شددت وزارة الخارجية السودانية، الثلاثاء، على رغبة الخرطوم “الصادقة” وعزمها “الأكيد” على إحلال سلام عادل وشامل في البلاد، يصون سيادة السودان ووحدة أراضيه، في ظل تصاعد اعتداءات “قوات الدعم السريع” غربًا وجنوبًا واستمرار الكارثة الإنسانية في دارفور وكردفان.
جاء ذلك في تصريحات لوكيل وزارة الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد، الذي أكد أن الحكومة “تتمسك بخيار السلام العادل والمستدام، بما يحقق تطلعات الشعب السوداني في العزة والكرامة ورد الحقوق”، على حد تعبيره.
تأكيد على الانفتاح على مبادرات إنهاء الحرب
وكيل الخارجية أوضح أن حكومة السودان “ظلّت منفتحة على جميع المبادرات الجادة والهادفة لإنهاء الحرب”، مشيرًا إلى أن هذه الحرب “أشعلتها مليشيا الدعم السريع الإرهابية” بدعم عسكري وسياسي واسع من دول خارجية، إلى جانب إسناد من بعض دول الجوار (لم يسمها).
وجددت الحكومة، في هذا السياق، ترحيبها بمساعي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الرامية إلى “إحلال السلام العادل في السودان”، معتبرة أن هذه الجهود تأتي ضمن التحركات الإقليمية والدولية الساعية لوقف القتال وإطلاق مسار سياسي جديد.
هدنة من طرف واحد وتصاعد الجرائم الميدانية
تصريحات الخارجية السودانية تزامنت مع إعلان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي”، الاثنين، موافقته على هدنة من طرف واحد لمدة 3 أشهر، رغم استمرار تقارير عن “جرائم وانتهاكات” لقواته في ولايات دارفور وكردفان.
وتتهم منظمات محلية ودولية قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر وانتهاكات واسعة بحق المدنيين في مدينة الفاشر ومناطق أخرى من دارفور، منذ استيلائها على المدينة في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما أقر حميدتي بحدوث “تجاوزات” من عناصره، مدعيًا تشكيل لجان تحقيق.
نزوح واسع من الفاشر وقرى شمال دارفور
وأعلنت منظمة الهجرة الدولية، الاثنين، أن عدد النازحين من مدينة الفاشر والقرى المحيطة بها في ولاية شمال دارفور، جراء الهجمات المتواصلة لقوات الدعم السريع، تخطى 106 آلاف شخص منذ 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وتأتي هذه الأعداد الجديدة لتضيف مزيدًا من التعقيد إلى مشهد النزوح الجماعي في السودان، الذي يعيش واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم من حيث أعداد النازحين داخليًا واللاجئين إلى دول الجوار.
اعتداءات في ولايات كردفان الثلاث
وبالإضافة إلى ولايات الغرب، تشهد ولايات إقليم كردفان الثلاث (شمال وغرب وجنوب) منذ أسابيع اعتداءات متكررة من قبل قوات الدعم السريع ضد الجيش السوداني، ما أسفر عن مقتل وإصابة المئات، ونزوح عشرات الآلاف من المدنيين هربًا من مناطق الاشتباكات.
ومن أصل 18 ولاية سودانية، تسيطر قوات الدعم السريع حاليًا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربًا، باستثناء بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور التي لا تزال تحت سيطرة الجيش. في المقابل، يسيطر الجيش على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية في الجنوب والشمال والشرق والوسط، بما فيها العاصمة الخرطوم.
إشادة سودانية بالتحركات السعودية والأمريكية
وكيل الخارجية السوداني أشار إلى أن بلاده تجدد ترحيبها بالطرح الذي قدّمه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال لقائه بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب في واشنطن، معتبرًا أن هذا الطرح “يعكس التزام السعودية بدعم الشعب السوداني وتعزيز الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام”.
وأكد المسؤول السوداني استعداد حكومة بلاده “للانخراط البناء في هذا المسار بما يقود إلى سلام عادل ومستدام”، مشيرًا إلى أن الخرطوم تنظر بإيجابية إلى أي جهد دولي يضع حدًا لإراقة الدماء ويعيد الاستقرار إلى البلاد.
التزام أمريكي بإنهاء الصراع “المروّع”
وكان مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية، مسعد بولس، قد أكد الأسبوع الماضي التزام الولايات المتحدة بإنهاء الصراع “المروّع” في السودان، وذلك بعد ساعات من تصريحات ترامب في “منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي” الذي انعقد في واشنطن، أعلن فيها أنه “سيبدأ العمل” على حل الأزمة في السودان، استجابة لطلب من ولي العهد السعودي خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة.
حرب طويلة وتداعيات إنسانية كارثية
ورغم تعدد المبادرات الإقليمية والدولية، لم تفلح حتى الآن في إيقاف الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي اندلعت في أبريل/ نيسان 2023 على خلفية خلافات حول توحيد المؤسسة العسكرية وترتيبات المرحلة الانتقالية.
وأدت الحرب، منذ اندلاعها، إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 13 مليون شخص داخل السودان وخارجه، وسط تحذيرات أممية متكررة من خطر انزلاق البلاد إلى مزيد من التفكك، ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة تضع حدًا للاقتتال وتعيد بناء مؤسسات الدولة على أسس جديدة.

