أحزاب وبياناتشباك نور

حزب غد الثورة يصدر بيانًا حول زيارة البابا ليو الرابع عشر

يعبّر حزب غد الثورة الليبرالي المصري عن ترحيبه العميق بالزيارة التاريخية التي يجريها قداسة البابا ليو الرابع عشر إلى الشرق الأوسط، والتي بدأت في تركيا ثم تلتها لبنان في نوفمبر 2025، بوصفها الزيارة الخارجية الأولى منذ تولّيه رئاسة الفاتيكان وقيادة الكنيسة الكاثوليكية.

هذه الزيارة، بما تحمله من رمزية لافتة وتوقيت دقيق، تمثل حدثًا بالغ الأهمية على المستويين الديني والسياسي، في منطقة لا تزال تبحث عن جسور جديدة للحوار، وتوازنات مستقرة وسط عواصف متلاحقة.

أولًا: رسالة الزيارة والسياق الذي تأتي فيه

تحمل الخطوة الأولى لقداسة البابا في اتجاه الشرق الأوسط عدة دلالات، أبرزها:

  • الانفتاح على العالم الإسلامي في مرحلة يتصاعد فيها خطاب الكراهية من الهند إلى الولايات المتحدة.
  • توجيه رسالة موازية للعالم الأرثوذكسي تعكس رغبة قديمة–متجددة في إعادة وصل ما انقطع بين روما الشرقية وروما الغربية.
  • السعي إلى إحياء تقاليد الحوار بين الأديان كخيار بديل لصدامات طويلة صنعتها السياسة أكثر مما صنعتها العقائد.

وقد أعادت هذه الزيارة التذكير بجذور تاريخية تعود إلى انقسام الإمبراطورية الرومانية عام 395م، الذي أدى لاحقًا إلى الانشقاق الكنسي الأكبر سنة 1054م بين الكاثوليك والأرثوذكس. كما أحيت الذاكرة بالمحاولات الزمنية والدينية التي بذلت عبر القرون لإعادة اللحمة بين الكنيستين، ولم يُكتب لها النجاح.

ثانيًا: المسلمون بين روما الشرقية وروما الغربية

شهدت القرون الأولى للإسلام تفاعلًا واسعًا مع الكنائس الشرقية في فلسطين وسوريا ومصر، ثم امتد التفاعل إلى مناطق النفوذ الكاثوليكي في شمال إفريقيا والأندلس.
ورغم الحملات الصليبية، وما خلّفته من دمار، فإنها paradoxically فتحت أبوابًا جديدة للتواصل الحضاري والاقتصادي.

ومع صعود الدولتين السلجوقية والعثمانية، تراجع المشروع الغربي العسكري لصالح محاولات ناعمة اعتمدت على المدارس والمستشفيات والمقاربات الثقافية، خصوصًا عبر اليسوعيين. وقد نجحت هذه الجهود في استقطاب جماعات أرثوذكسية متعددة، بينما أخفقت في تحويل المسلمين عن عقيدتهم.

ثالثًا: التحولات الكبرى في موقف الكنيسة الحديث

منذ المجمع الفاتيكاني الثاني (1965)، دخلت الكنيسة الكاثوليكية مرحلة جديدة، أقرب إلى الشعوب المظلومة، وأبعد عن الدور التقليدي الذي ارتبط تاريخيًا بالاستعمار الأوروبي.

وقد:

  • اعترف الفاتيكان بأن المسلمين يؤمنون بإله واحد.
  • دعا إلى الحوار بين الأديان وكسر الأحكام المسبقة.
  • أسّس المجلس البابوي للحوار بين الأديان عام 1964.
  • سجّل خطوة تاريخية غير مسبوقة حين زار البابا يوحنا بولس الثاني مسجدًا في دمشق عام 2001.
  • تجاوب مع الأزمات، كما بعد أزمة 2006 التي تسببت فيها تصريحات البابا بنديكتوس.
  • واصل البابا فرنسيس تعميق هذا النهج، وصولًا إلى توقيع وثيقة «الأخوّة الإنسانية» مع شيخ الأزهر عام 2019، والاعتراف بدولة فلسطين عام 2015، ورفض قرار تهويد القدس، وإدانة حصار غزة والمستوطنات.

رابعًا: زيارة البابا ليو الرابع عشر… واستمرار خطّ الحوار

اختار البابا ليو الرابع عشر أن يبدأ أولى زياراته من تركيا ولبنان — وهما دولتان تقعان في قلب الجغرافيا الروحية للعالم الإسلامي والشرقي.

وتحمل الزيارة دلالات واضحة على التزام الفاتيكان باستمرار نهج الحوار، وبتثبيت الجسور بدل المتاريس، في ظرف دولي ترتفع فيه أصوات التطرف، وتضيق فيه مساحات العقل والاعتدال.

من وجهة نظر حزب غد الثورة، فإن هذه الزيارة تمنح المنطقة ثلاث فرص مركزية:

  • فرصة لفتح صفحة جديدة من التلاقي بين العالم الإسلامي والعالم الكاثوليكي الذي يشكل نصف المسيحية.
  • فرصة لتهدئة مخاوف الأقليات الدينية عبر خطاب عالمي يرفض الكراهية والتهميش.
  • فرصة لتعزيز دور الدبلوماسية الدينية في حلّ النزاعات بدل تأجيجها.

خامسًا: موقف حزب غد الثورة الليبرالي

يؤكد حزب غد الثورة الليبرالي المصري أن تعزيز الحوار بين الأديان ليس خيارًا ثانويًا، بل هو ضرورة سياسية وأخلاقية في هذا العالم القَلِق، وأن الزيارة تمثل خطوة إيجابية ينبغي البناء عليها عربيًا وإسلاميًا.

كما يرى الحزب أن احترام التعددية الدينية، ونبذ خطاب الكراهية، وتحصين المجتمعات ضد التطرف — من كل الأطراف — هو جزء من رسالة الديمقراطية الليبرالية التي يؤمن بها الحزب ويدافع عنها.

نحن نثمّن:

  • ثبات الفاتيكان على موقفه من القضية الفلسطينية.
  • رفضه لسياسات تهويد القدس.
  • إدانته لحصار غزة والمستوطنات.
  • دعمه لحقوق الإنسان والعدل والسلام.

ونأمل أن تفتح زيارة البابا ليو الرابع عشر الطريق أمام دور أوسع للكنيسة في دعم القضايا العادلة، وفي مقدمتها حقوق الشعب الفلسطيني وحقه الكامل في الحرية والأمن والكرامة.

ختامًا

إنّ حزب غد الثورة الليبرالي المصري، إذ يرحّب بهذه الزيارة، يدعو كافة المؤسسات الدينية والسياسية في المنطقة إلى اغتنام هذه اللحظة لإعادة تأسيس مساحات حقيقية للحوار المشترك، بعيدًا عن الاستغلال السياسي للدين وعن ممارسات الإقصاء والكراهية.

وإذ نثمن هذه الزيارة، نعتبرها جسرًا آخر نحو شرقٍ أكثر استقرارًا، وأكثر إنصافًا، وأكثر انفتاحًا على قيم الحرية والسلام.

مع خالص التقدير،

د. أيمن نور

رئيس حزب غد الثورة الليبرالي المصري

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى