
شهدت مصر تحولاً جذرياً في منتصف القرن العشرين مع انتقالها من النظام الملكي إلى النظام الجمهوري بعد ثورة 1952.
هذا التحول أثار جدلاً تاريخياً مستمراً حول طبيعة كل نظام وسياساته الاقتصادية والاجتماعية. تقدم هذه المقالة قراءة تحليلية لهذا التحول التاريخي المعقد.
فمصر الملكية كان الإطار السياسي والاقتصادي فالنظام السياسي في العهد الملكي، تميز(1922-1952) بنظام دستوري برلماني تحت التاج الملكي، حيث شهدت مصر
تناوباً للحكومات عبر الانتخابات النسبية ووجود، صحافة حرة ونشطة مع تعددية سياسية ونظاماً قضائياً مستقلاً، ومؤسسات مجتمع مدني فاعلة.
وشهد الاقتصاد المصري في العهد الملكي فقد كانت قوة العملة الجنيه المصري يعادل 4 دولارات أمريكية ويعتبر من أقوى العملات عالمياً وكذلك تنوع اقتصادي مع التركيز على الزراعة (خصوصاً القطن) والصناعات الناشئة والتجارة، وكان هناك بنية تحتية متطورة مثل سكك حديدية وموانئ وطرق حديثة نسبياً و استقلال مالي بنظام مصرفي وطني قوي.
التحول إلى النظام الجمهوري بعد 1952 مع قيام النظام الجمهوري، حدثت تغييرات جذرية شملت إلغاء النظام الملكي والتحول إلى نظام رئاسي مركزي و حل الأحزاب السياسية وتقييد الحريات العامة و تأميم الصحافة ووسائل الإعلام و مركزية السلطة في يد المؤسسة التنفيذية .
وقد اتبعت الحكومات المتعاقبة بعد 1952 سياسات اقتصادية اشتراكية تميزت بـتأميم واسع للقطاعات الاقتصادية الرئيسية وتخطيط مركزي للاقتصاد وسياسات إعادة توزيع واسعة وتركيز على الصناعات الثقيلة التي لم تستمر كثيرا.
وان قمنا بتقييم الأداء الاقتصادي مقارنة بين العهدين
فمؤشرات الاقتصاد الملكي، كانت نمو اقتصادي مستقر وإن كان غير متسارع و توازن في الميزان التجاري نسبياً و احتياطيات نقدية قوية ومعدلات تضخم منخفضة.
منذ 1952، واجه الاقتصاد المصري تحديات متعددة منها تراكم الديون الخارجية و ارتفاع معدلات التضخم وضعف القدرة التنافسية للصناعة المحلية والاعتماد على المساعدات والقروض الخارجية و تذبذب سعر الصرف وضعف العملة الوطنية .
تحليل الأسباب الكامنة
في التغيرات في البيئة الاقتصادية العالمية
والنمو السكاني السريع
والحروب المتكررة التي استنزفت الموارد
والتغيرات في أنماط التجارة العالمية
وهناك عوامل السياسات المركزية الشديدة في اتخاذ القرار الاقتصادي، وضعف الكفاءة في إدارة المؤسسات المؤممة، وسياسات الدعم غير المستدامة، وعدم الاستقرار في السياسات الاقتصادية.
التجربة التاريخية لمصر تقدم دروساً مهمة حول ضرورة الموازنة بين الاستقرار السياسي والحرية السياسية
والدور الاقتصادي للدولة وحرية السوق، والسيادة الوطنية والاندماج في الاقتصاد العالمي.
الخلاصة أن تقييم التاريخ يتطلب فهماً دقيقاً للسياق التاريخي لكل فترة، والاعتراف بأن كلا النظامين واجه تحديات خاصة به، وأن التطور الاقتصادي عملية معقدة تتأثر بعوامل داخلية وخارجية متعددة.







