شباك نورمقالات وآراء

د. أيمن نور يكتب : 10 شخصيات في حياتي: …ظلالها لا تغيب

ثمة وجوه في رحلتنا لا نلتقيها وجهاً لوجه، لكنها تسكننا كأنها رفقاء درب لم تغب عن الأفق.
عشر شخصيات -للاسف- لم أعاصرها، لكنني عايشت أرواحها بين سطور كتاباتها، ووجدت في كلماتها بوصلةً لروحي.
هؤلاء ليسوا مجرد أسماء عابرة، بل نجوم تضيء سماء فكري، وتمنح رحلتي ظلالاً من نور.

أمينة السعيد كانت أول القصيدة، تلك السيدة التي نسجت حرير الريادة بصوت هادئ وحضورٍ لا يعرف الصخب.
في وجهها رأيت حكمة امرأة تُحارب بالصبر والوعي، لا بالضجيج، فكانت ملامحها درساً في أن القوة قد تسكن الهدوء.

مي زيادة هي الحلم المراوغ، المرأة التي صارت مرآة لكل من عرفها، كأنها لغز يحمل وجوهًا عديدة.
في كلماتها وجدت روحاً تتحدى الزمن، وتُخبرنا أن الإنسان ليس ظلاً واحداً، بل أطياف لا تنتهي.

جمال الدين الأفغاني كان طيفاً يمرّ بي حاملاً لواء الحرية، رجلاً لم يرهب جبروت الاستعمار، فصار صوته صدى لكل من ينشد الخلاص.
كان كمن يزرع بذور التمرد في تربة عطشى، ليخبرنا أن الفكر لا يعرف المنفى.

رجاء النقاش هو النافذة التي أطلّت منها مواهب عديدة، عين الناقد الذي رأى في الآخرين ما لم يره سواه، وصاغ من النقد جسراً بين صرامة الفكر ونبض الحياة.

سهير القلماوي جاءت كقصيدة تجمع بين القديم والجديد، بين الأدب الشعبي ورسميات الثقافة.
كانت ريادتها مثل غصن يمتد ليحمل ثمار المعرفة لأجيال لم تولد بعد.

لطيفة الزيات كانت كمن تكتب حياتها بمداد نضال وأدب، امرأة جعلت من سيرتها لوحةً تحتفي بالحرية، وتُعلن أن القلم قد يكون سيفاً حين يكون الحق رفيقه.

يحيى حقي هو الرحالة الذي جمع بين ضفاف الثقافات، ليصنع من تجاربه فسيفساء إنسانية، يكتب بمداد الشرق والغرب معاً، ويجعل من الكلمة جسراً بين القلوب.

عبد الحميد جودة السحار هو ذاك الحالم الذي رأى في السينما مرآة للأدب، ونسج من الصور حكايات تبقى، ليخبرنا أن الفن يمكن أن يكون ذاكرة أمة.

أسامة أنور عكاشة كتب بدرجة مقاتل، جعل من الدراما مرآة للمجتمع، وحمل على عاتقه أن يحكي قصص الناس، ليبقى صوتهم حياً على الشاشة.

محمد عبده الإمام الذي رحل سريعاً، لكنه ترك خلفه بصمة إصلاحية لا تُمحى، كأن صوته ما زال يهمس في آذان الباحثين عن نور التجديد.

جورجي زيدان المؤرخ الذي واجه التحيز بسردٍ عادل، كأنه يرسم للتاريخ وجهاً أكثر إنسانية، ليكون حكاية للجميع.

عاطف الطيب عزف بالكاميرا مقطوعات من وجدان الناس، وجعل من السينما لسان حال البسطاء، فكانت عدسته رسماً نابضاً بالحياة.

هكذا، هؤلاء العشرة ليسوا مجرد أسماء، بل هم ظلال من نور، أضاءوا لي الدرب بكلماتهم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى