مقالات ورأى

معن بشور يكتب ….

كمال جنبلاط شهيد فلسطين والعروبة

لو سئل القائد الوطني الكبير الشهيد كمال جنبلاط، حيث هو اليوم، عن أفضل الألقاب بالنسبة إليه، لاختار دون تردد لقب “شهيد فلسطين”، فرغم أنه كان زعيماً ونائباً ووزيراً ولاعباً رئيسياً في السياسة اللبنانية والعربية، ومثقفاً كبيراً بين المثقفين العرب، لكن يبقى اللقب الاقرب إلى قلبه هو لقب “شهيد فلسطين” حين تم اغتياله في مثل هذا اليوم عام 1977.


في ذلك اليوم كنّا في القاهرة نشارك كضيوف على المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد يومها في العاصمة المصرية، فجاء الخبر إلى ممثلي الشعب الفلسطيني في كل أصقاع الأرض، ونزل عليهم كالصاعقة، صحيح أن كمال جنبلاط لم يكن فلسطينياً لكنه كان في فكره وممارساته ومواقفه الأقرب إلى فلسطين ،والأكثر دفاعاً عن ثورتها ومقاومتها، وقد اختير بسبب ذلك أميناً عاماً للجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية التي انطلقت من بيروت في 17 تشرين ثاني 1972، وضمّت ممثلي معظم الأحزاب العربية والقوى الشعبية في كل أرجاء الوطن العربي.


لم يكن اختيار كمال جنبلاط آنذاك رئيساً لهذه الجبهة اختياراً عشوائياً، أو عاطفياً، بل كان تقديراً من الأمّة كلها لدور هذا الزعيم الذي ارتبط اسمه باسم فلسطين والعروبة تماماً كما ارتبط اسمه باسم لبنان التقدم والعدالة والحرية والكرامة.


يومها لم يكن بمقدور الكثير في لبنان أن يخرج في تظاهرات مندّدة بهذا الاغتيال، ولكن رغم ذلك خرج إخوة لنا وأخوات من أحياء بيروتية: ومن مدارس في العاصمة؛ يهتفون بحياة الشهيد الكبير الذي خسره لبنان كما خسرته فلسطين والأمّة العربية.


وتأتي اليوم ذكرى استشهاد كمال جنبلاط في 16 آذار 1977، في ظروف تصبح فيها قضية فلسطين بفعل صمود أبنائها وبطولات مقاوميها، وانتصار شرفاء الأمّة وأحرار العالم لها، تصبح القضية الأكثر تأثيراً في العالم كله، حتى بات يقال أن ما بعد “طوفان الأقصى” فلسطينياً وعربياً وإقليمياً ودولياً، هو غير ما قبل “طوفان الأقصى”.


لو كان كمال جنبلاط بيننا اليوم نرى الجماهير تتدفق في كل قارات العالم مندّدة بالعدوان على غزّة ومحييى صمود فلسطين ورافعة شعاراً طالما نادى به كل احرار الأمّة “فلسطين من البحر إلى النهر”، لو كان جنبلاط بيننا اليوم لأدرك أن دماءه اليوم لم تذهب هدراً، وأن ارتباطه بفلسطين وثورتها ومقاومتها لم يكن ارتباطاً عبثياً أو عاطفياً أو مرحلياً بقدر ما كان ارتباطاّ يعبّر عن قناعة أخلاقية وفكرية وقومية وإنسانية طالما تميّز بها الشهيد الكبير.


رحم الله كمال جنبلاط، الذي لا ينساه اللبنانيون وهم يواجهون الفساد والخراب في بلادهم على كل المستويات، وهو كان أول من تصدى لهذا الفساد ودعا لمقاومته، ولن ينساه الفلسطينيون وقد باتت مقاومتهم اليوم محور اهتمام العالم كله.


على طريق كمال جنبلاط سيبقى كل وطنيي لبنان، وكل عروبيي الأمّة وكل أحرار العالم، ثواراً حتى النصر بإذن الله.
 

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى