تقاريرمصر

شتاء الغلاء: الحكومة غائبة والشعب يدفع الثمن باهظًا

في ظل الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تجتاح مصر، يبرز واقع الغلاء الفاحش كدليل صارخ على تفشي الفساد الحكومي وتقاعس السلطات عن تحمل مسؤولياتها.

أسعار الملابس الشتوية، على وجه الخصوص، شهدت قفزات غير مسبوقة في الأيام الأخيرة، حيث تفجرت الأسعار بشكل مروع عقب الزيادة الأخيرة في أسعار السولار،

مما أتاح للتجار استغلال الوضع لافتعال موجة غلاء مسبقة. وكأن الأسواق أصبحت ساحة مفتوحة للاستغلال والاحتكار، حيث ارتفعت الأسعار إلى مستويات لا يُحتمل.

في جولة ميدانية في منطقة وسط البلد، كان الواقع صادماً. فأسعار السويت شيرت بدأت من 500 جنيه، بينما ارتفعت أسعار الجواكيت لتصل إلى 1000 جنيه، وتساوت أسعار الجوخ مع هذه القيمة.

أما بالنسبة للأطفال، فقد أصبحت الأسعار خيالية، حيث بلغ سعر الطقم الواحد 2000 جنيه، والجاكيت 1200 جنيه، والبلوفر 600 جنيه.

تظهر هذه الأرقام الفادحة حجم الانحدار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، حيث بات المواطن المصري عاجزاً عن تأمين احتياجاته الأساسية.

صرخة الغضب من الشارع

تتجلى المآسي أمام واجهات المحلات، حيث تكثر القصص المأساوية. مؤمن كامل، محاسب بإحدى الشركات، قرر التوجه إلى منطقة طلعت حرب لشراء سويت شيرت بعد أن بدأ الطقس يبرد، لكنه صُدم عندما اكتشف أن الأسعار قد ارتفعت بمقدار 200 جنيه للقطعة،

مما اضطره لشرائها رغم ارتفاع السعر، كأن المحلات قد اتفقت سراً على رفع الأسعار. تعكس هذه الحالة استغلال التجار الواضح للمواطن المصري، الذي يجد نفسه محاصراً بين غلاء الأسعار وغياب الحلول الفعّالة.

وعفاف عبدالمحسن، التي نزلت أيضاً إلى منطقة طلعت حرب لتأمين كسوة لأبنائها، تصف الوضع بأنه كارثي. تقول: “وجدت الأسعار فظيعة، ولا يكفي المبلغ الذي معي لطقم واحد لكل منهم.

إذا أردت شراء كسوة كاملة، سأحتاج لأخذ قرض”. هذا ما وصل إليه حال الأسر المصرية، التي تعاني من ضغوط اقتصادية خانقة.

تجار يبررون ارتفاع الأسعار

أما عن رأي التجار، فيبرز جمال حنا، تاجر الملابس الشتوية، الذي يؤكد أن أسعار البضاعة تضاعفت هذا العام، لكنه ينفي أن يكون هو السبب وراء هذه الزيادة. بل إنه يشعر بالقلق من الخسائر المحتملة نتيجة هذا الغلاء، مما يجعله يكتفي بعرض عدد محدود من القطع.

على الجانب الآخر، كشف المسؤولون في غرف الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية أن الملابس الشتوية التي سيتم طرحها في المحلات في نوفمبر المقبل تم تصنيعها منذ 6 أشهر.

أشار محمد عبد السلام، رئيس غرفة الملابس الجاهزة باتحاد الصناعات، إلى أن توفر الدولار هذا العام قد يساعد في طرح الملابس بأسعار مقاربة للعام الماضي، رغم الزيادات التي شهدتها الأسعار بنحو 70% في الموسم الشتوي السابق.

أرقام صادمة تشير إلى الغياب الحكومي

تُظهر البيانات أن صادرات مصر من الملابس الجاهزة شهدت ارتفاعاً بنسبة 19% خلال الفترة من يناير حتى نهاية مايو من هذا العام،

حيث وصلت إلى نحو 1.08 مليار دولار مقارنة بـ 912 مليون دولار في نفس الفترة من عام 2023. ولكن كيف يمكن تفسير هذه الزيادة وسط فوضى الأسعار والتدهور الاقتصادي المستمر؟

يتضح أن الحكومة لم تقم بدورها في تنظيم السوق وضبط الأسعار، مما جعل التجار يعبثون بأسعار السلع بلا رقيب. ما يحدث الآن ليس مجرد زيادة في الأسعار،

بل هو تعبير صارخ عن انهيار القدرة الشرائية للمواطن المصري، حيث أصبحت الأسعار تعكس غياب أي خطة حكومية حقيقية للتعامل مع الأزمة.

واقع مرير يحتاج لثورة اقتصادية

في نهاية هذا المشهد المأساوي، نجد أنفسنا أمام واقع مرير يتطلب ثورة اقتصادية حقيقية. المواطنون بحاجة ماسة إلى تدخل حكومي فعال وعاجل لحماية حقوقهم وضمان تأمين احتياجاتهم الأساسية. فلا يمكن أن تستمر الأمور على هذا النحو، بينما يتحمل المواطن المصري وحده نتائج السياسات الاقتصادية الفاشلة.

إن ما يحدث هو أكثر من مجرد ارتفاع في الأسعار؛ إنه تجسيد صارخ للإهمال الحكومي والتجاهل لاحتياجات المواطنين. لذا، يجب أن تكون هناك خطوات واضحة وعملية للتصدي لهذا الغلاء المعيشي، حتى لا تظل الأسعار تتزايد وتستمر معاناة الشعب المصري، الذي عانى طويلاً من الفساد واللامبالاة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button