تكبدت البورصة المصرية خسارة كبيرة خلال تعاملات الأسبوع الأخير حيث انتقلت إلى مربع الخسائر بتراجع واضح في جميع مؤشرات السوق ما يعكس استمرار الأزمة الاقتصادية في مصر وفشل الحكومة المصرية في معالجة الأوضاع الاقتصادية.
فقد سجل رأس المال السوقي للبورصة المصرية انخفاضًا هائلًا بلغ نحو 32.5 مليار جنيه ليصل إلى 2.248 تريليون جنيه، وهو تراجع بنسبة 1.4% مقارنة بالأسبوع السابق. ولم تقتصر الخسائر على إجمالي السوق فحسب، بل شملت أيضًا المؤشرات الرئيسية، مما يبرز عجز الحكومة المصرية عن إدارة الملف الاقتصادي بصورة تضمن الاستقرار للسوق المالي.
فيما يتعلق برأس المال السوقي للمؤشر الرئيسي “إيجي إكس 30″، فقد انخفض من 1.505 تريليون جنيه إلى 1.471 تريليون جنيه، وهو ما يمثل تراجعًا بنسبة 2.3%. ويأتي هذا الانخفاض ليعكس الفشل الواضح في تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي على حد سواء، مما يُظهر تقاعس الحكومة المصرية في اتخاذ أي إجراءات فعالة لدعم السوق الذي بات يعاني من تداعيات القرارات الاقتصادية العشوائية.
وعلى مستوى أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة، فقد انخفض رأس المال السوقي لهذه الفئة من 402.2 مليار جنيه إلى 395.6 مليار جنيه، ما يعني انخفاضًا بنسبة 2.1%. ويؤكد هذا التراجع على الفشل الحكومي المستمر في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تُعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد، والذي يعاني من تضييقات مالية وتنظيمية تعوق نمو هذا القطاع الحيوي.
كما تراجع رأس المال السوقي للمؤشر الأوسع نطاقًا من 1.910 تريليون جنيه إلى 1.866 تريليون جنيه، وهو تراجع بنسبة 2.3%. وبهذا، يبدو أن جميع مؤشرات السوق تسير في اتجاه سلبي واضح دون أن تبدي الحكومة المصرية أي قدرة على التصدي لهذا الانحدار المتسارع في قيمة الأصول والشركات المدرجة في البورصة.
مؤشرات الأداء السلبية
جاءت مؤشرات الأداء في السوق المصرية لتؤكد عمق الأزمة حيث تراجع المؤشر الرئيسي “إيجي إكس 30” بنسبة 2.64% ليغلق عند مستوى 30631 نقطة خلال تعاملات الأسبوع. ورغم أهمية هذا المؤشر باعتباره يعكس أداء أكبر الشركات المصرية المدرجة في السوق، إلا أن هذا التراجع الواضح يعكس التخبط الحكومي والفشل في إدارة ملف الاستثمارات بشكل عام، حيث باتت السياسات الاقتصادية المتبعة تفتقر لأي رؤى استراتيجية على المدى البعيد.
كما تراجع مؤشر الأسهم الصغيرة والمتوسطة “إيجي إكس 70 متساوي الأوزان” بنسبة 0.8% ليغلق عند مستوى 8340 نقطة، ما يعكس التأثير السلبي على قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تعاني من أزمة سيولة وعوائق تنظيمية أدت إلى تدهور قدرتها على النمو والاستمرار في السوق.
أما مؤشر “إيجي إكس 100 متساوي الأوزان” فقد سجل انخفاضًا بنسبة 1.24% ليغلق عند مستوى 11522 نقطة، فيما تراجع مؤشر “إيجي إكس 30 محدد الأوزان” بنسبة 2.53% ليغلق عند مستوى 38002 نقطة، مما يؤكد عدم جدوى الإجراءات الحكومية المتخذة، وعدم قدرتها على تحسين ثقة المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب. كما شهد مؤشر “تميز”، المعني بالشركات الناشئة والصغيرة، تراجعًا بنسبة 0.26% ليغلق عند مستوى 8808 نقاط، ما يعكس فشل الحكومة في دعم الابتكار وريادة الأعمال في مصر.
تراجع كبير في حجم التداول
شهدت جلسات الأسبوع انخفاضًا حادًا في إجمالي قيمة التداول إلى نحو 234.5 مليار جنيه، وهو ما يعكس انخفاضًا كبيرًا مقارنة بالأسبوع الماضي الذي بلغت فيه قيمة التداول نحو 244.6 مليار جنيه. كما انخفضت كمية التداول إلى نحو 6.233 مليار ورقة مالية منفذة على 503 آلاف عملية، مقارنة بنحو 7.889 مليار ورقة تم تداولها خلال 589 ألف عملية في الأسبوع السابق. وهذا الانخفاض الكبير في حجم التداول يعكس بشكل صارخ تراجع الثقة في السوق المصرية نتيجة للسياسات الحكومية الفاشلة التي تعوق تحفيز النمو الاقتصادي.
الحكومة المصرية تحت المجهر
إن هذه الخسائر الهائلة التي تكبدتها البورصة المصرية لا تعبر عن مشكلة مؤقتة بقدر ما تعكس إخفاقًا مستمرًا في إدارة الملف الاقتصادي. الحكومة المصرية لم تقم بأي خطوات فعلية لإصلاح الوضع الاقتصادي المتدهور أو جذب الاستثمارات الأجنبية التي تعتبر عاملًا حاسمًا في استقرار البورصة وتعزيز فرص النمو. في المقابل، نجد أن الإدارة الحكومية تتسم بالعشوائية وعدم الكفاءة، إذ اتخذت العديد من القرارات غير المدروسة التي أسهمت في تفاقم الأزمة الحالية.
ورغم الدعوات المتكررة من المستثمرين والخبراء بضرورة تبني سياسات مالية ونقدية شفافة ومستقرة، فإن الحكومة المصرية تبدو عاجزة عن الاستجابة لهذه المطالب، حيث تتخذ إجراءات تزيد من تعقيد الأوضاع وتفاقم التحديات التي تواجه الاقتصاد. وقد بات من الواضح أن الفساد وسوء الإدارة أصبحا سمة أساسية في النظام الحاكم، حيث يتم تغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة، ما أدى إلى فقدان الثقة في الأسواق وتراجع الاقتصاد.
فبينما تعاني البورصة من هذه الخسائر الضخمة، يظل المواطن المصري هو الخاسر الأكبر في ظل غلاء المعيشة وانخفاض قيمة الجنيه، إذ لا تزال الحكومة عاجزة عن تقديم أي حلول ملموسة للأزمات التي يعاني منها الشعب المصري. ومع استمرار التراجع في البورصة وتفاقم الأوضاع الاقتصادية، يبدو أن الأزمة لن تكون مجرد مشكلة قصيرة الأجل بل قد تمتد لسنوات ما لم يتم اتخاذ إجراءات جذرية وسريعة لإصلاح الأوضاع الاقتصادية ومكافحة الفساد المستشري في جميع مؤسسات الدولة.
ولا يمكن النظر إلى هذه الخسائر المتلاحقة في البورصة المصرية بمعزل عن الإخفاقات الحكومية المتكررة. هذه الخسائر تعكس حالة من التدهور المستمر في ظل غياب الرؤية الواضحة والإدارة الرشيدة من قبل الحكومة المصرية. الاقتصاد المصري يواجه أزمة حقيقية، ويبدو أن الحلول المطروحة حتى الآن غير قادرة على إحداث تغيير حقيقي في هذا الوضع المتأزم، مما ينذر بمزيد من الخسائر والانهيار الاقتصادي إذا لم يتم التحرك بشكل فوري وفعال.