محمد معيط يكشف بالأرقام كيف دمّر تراجع العملات اقتصاد الدول النامية

أكد محمد معيط المدير التنفيذي في صندوق النقد الدولي ووزير المالية المصري الأسبق أن تدهور قيمة العملات المحلية أمام الدولار الأمريكي يمثل أحد أبرز الأسباب المؤلمة وراء تصاعد مستويات الدين العام في الدول النامية خلال السنوات الأخيرة
أوضح معيط خلال كلمته بمؤتمر إدارة الدين العام الذي نظمته جامعة الدول العربية أن ضعف العملة المحلية أمام الدولار تسبب في تضخم خدمة الدين الخارجي وأدى إلى استنزاف الاحتياطيات النقدية للدول التي تواجه بالفعل أزمات مالية واقتصادية خانقة
نبه معيط إلى أن تأثير انخفاض العملات لم يقتصر على التضخم بل امتد ليشمل ارتفاع فاتورة استيراد السلع الأساسية وخاصة الغذائية والطبية مما زاد من الضغط على موازنات الدول محدودة الدخل وعمّق أزماتها الاجتماعية والاقتصادية
استرسل معيط في توضيح حجم التحدي قائلاً إن إجمالي الدين العام في بعض الدول النامية قفز بنسبة تتجاوز 60% من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة تراجع العملة وهو ما يفرض أعباء إضافية على خطط التنمية ويضعف من قدرة الحكومات على تنفيذ إصلاحات حقيقية
أضاف أن الوضع الراهن يتطلب تدخلًا سريعًا من قبل المؤسسات المالية الدولية لتقديم حلول مستدامة للدول المتضررة من اضطرابات سعر الصرف وتقلبات الأسواق مشيرًا إلى أن الأوضاع قد تزداد سوءًا إذا استمرت تلك العوامل في الضغط على اقتصادات العالم النامي
لفت معيط إلى أن التجربة المصرية تمثل نموذجًا معقدًا حيث أدى تحرير سعر الصرف منذ 2016 إلى تراجع الجنيه المصري من 8.88 جنيهًا مقابل الدولار إلى أكثر من 50 جنيهًا في عام 2024 مما تسبب في زيادة الدين الخارجي إلى ما يتجاوز 165 مليار دولار وفق أحدث التقديرات
صرح أن مصر لجأت إلى الاقتراض الخارجي لسد فجوة التمويل وسداد الالتزامات الدولارية وهو ما قاد إلى تراكم أقساط وفوائد ضخمة تثقل كاهل الدولة وتحد من مساحة الإنفاق الاجتماعي الضروري في ظل مستويات الفقر والبطالة المرتفعة
أشار إلى أن الحل يكمن في تحقيق نمو إنتاجي حقيقي وتوسيع القاعدة التصديرية وتقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الإيرادات المحلية كسبيل وحيد للخروج من فخ الديون المستمرة
أردف أن الدول النامية تعاني من معضلة ثلاثية تتمثل في تراجع العملات وارتفاع معدلات الفائدة عالميًا واشتداد الضغوط التضخمية وهو ما يهدد بانفجار اجتماعي ما لم يتم التحرك الفوري لتخفيف حدة الأزمة
نفى معيط أن تكون تلك الأزمات ناتجة عن سوء إدارة فقط بل اعتبر أن المنظومة المالية العالمية غير منصفة وتشكل بيئة طاردة للاستقرار في دول الجنوب العالمي التي تتعرض لضغوط مركبة من الخارج والداخل