حوادث وقضايا

سجن 15 عامًا لسائق التريلا و5 سنوات لمالكها في كارثة المنوفية

كشفت وقائع محكمة جنايات شبين الكوم بمحافظة المنوفية واحدة من أبشع الحوادث في مصر، بعدما قضت بالسجن المشدد 15 عامًا على سائق شاحنة نقل ثقيل، تسبب في مذبحة حقيقية على الطريق الإقليمي، راح ضحيتها 19 روحًا بريئة، بينهم 18 فتاة في عمر الزهور كنّ يعملن باليومية في الحقول، وسائق الميكروباص الذي كان يقلهن إلى رزق يومهن.

أدانت المحكمة السائق بعد أن ثبت بالأدلة أنه قاد شاحنته الضخمة تحت تأثير المخدرات، ودون رخصة، وبمنتهى الرعونة ارتكب الكارثة بعدما قرر القيادة عكس الاتجاه، كأنه يقود إلى جهنم دون أدنى وعي أو ضمير، ليصطدم مباشرة بسيارة ميكروباص صغيرة تقل العاملات، فتحولت لحظة الفجر إلى مشهد دموي تصعب ملامحه على الوصف.

أعلن القضاة أن الجرائم التي ارتكبها السائق لا تقتصر فقط على القتل، بل تضمنت إتلاف المال العام والتعاطي والقيادة العشوائية، ما دفعهم لتوقيع أقصى عقوبة متاحة على المتهم، دون شفقة أو تخفيف، خاصة مع حجم الفاجعة وعدد الضحايا الذين سقطوا في لحظة إهمال واستهتار مدمر.

لم ينجُ من هذا الجحيم سوى ثلاث فتيات فقط، خرجن بإصابات بالغة جسديًا ونفسيًا، ليحملن وجعًا لن يزول بسهولة، أما الباقيات فقد وجدن مصيرهن على الأسفلت، وسط دماء متشابكة وصرخات ذهبت أدراج الرياح، في مشهد اختلط فيه الحزن بالذهول والعجز أمام الجريمة.

أوضح الحكم أن مسؤولية الجريمة لا تقع على السائق وحده، بل طالت مالك الشاحنة نفسه، الذي تجاهل كل ضوابط السلامة، وسمح بتحريك مركبة ضخمة دون التأكد من كفاءة سائقها أو حيازته لرخصة قيادة من الأساس. المحكمة لم تتهاون في ذلك، وقضت بحبسه 5 سنوات عقابًا على مساهمته في تلك المجزرة الصامتة.

أشار محضر التحقيق إلى أن الحادث وقع في لحظات الفجر الأولى، حين كانت العاملات في طريقهن لكسب لقمة العيش، قبل أن يفاجئهن السائق المخمور وهو يسير عكس الاتجاه بسرعة جنونية، ليتحول الميكروباص الصغير إلى ركام من الحديد المحطم والأجساد المتناثرة.

أكدت التحقيقات أن غرفة عمليات النجدة بمحافظة المنوفية تلقت بلاغًا عاجلًا يفيد بالكارثة، وعلى الفور تحركت 10 سيارات إسعاف إلى موقع التصادم، في محاولة لإنقاذ من يمكن إنقاذه، إلا أن الأغلبية كانوا قد فارقوا الحياة، بعدما سحقهم الاصطدام العنيف بلا رحمة.

استدرك المسؤولون المشهد المأساوي الذي كشفت عنه التحقيقات، فالحادث لم يكن قضاءً وقدرًا كما يقال، بل نتيجة مباشرة لإهمال متكرر وفوضى مستشرية في طرق مصر، حيث تُترك مركبات الموت في أيدي مدمنين ومستهترين دون رقابة أو متابعة، ويُساق الأبرياء إلى الموت دون إنذار.

لفت الناظرون إلى أن هذا الحادث لم يكن الأول من نوعه، لكنه الأكثر فداحة من حيث عدد الضحايا، ما يسلط الضوء مجددًا على فوضى النقل الثقيل والقيادة العشوائية، التي تهدد حياة المواطنين يوميًا، بينما تستمر أرواح الأبرياء في التساقط على الطرقات وكأن الأمر لا يعني أحدًا.

أنهى الحكم القضائي الجدل حول مسؤولية الجريمة، لكنه فتح جرحًا غائرًا في قلب كل من شاهد أو سمع بتفاصيلها، فالعدالة قد تُطبق داخل المحكمة، لكن الأرواح التي صعدت لا تُعاد، والعائلات التي فقدت أحبابها لن تنسى تلك اللحظة التي خطفت فيها بناتها بلا ذنب، سوى أنهن خرجن باكرًا للعمل والستر، فوجدن الموت في الطريق بدلًا من الرزق.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى