
في زمن تتشابك فيه المصالح السياسية بالثقافية والاقتصادية، لم يعد استهداف الأمة الإسلامية مجرد غزو عسكري أو صدامٍ مباشر، بل صار أكثر خفاءً ونعومة.
فالمخططات التي تُحاك اليوم تركز على اختراق العقول قبل الحدود، وتفكيك الهوية قبل السلاح.
تظهر هذه الاستراتيجيات في فرض مناهج وأنماط فكرية عبر مؤسسات دولية، وفي حملات إعلامية تستهدف ثوابت العقيدة والقيم، فضلًا عن الضغوط الاقتصادية التي تجعل بعض الدول رهينة لمعادلات المساعدات والديون.
وبالمقابل، يبقى الانقسام الداخلي هو الحلقة الأضعف التي تسمح لأي نفوذ خارجي بالتوسع والتمدد.
المعركة اليوم معركة وعي، تبدأ من صفحات الكتب المدرسية، وتتشكل عبر الشاشات الصغيرة التي يحملها الشباب بين أيديهم، وصولًا إلى خطابٍ إعلامي يسعى لتوجيه الرأي العام.
وهنا تبرز خطورة الحرب الناعمة: فهي لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تُصنع في مراكز الفكر وغرف صناعة القرار.
إن تحصين الأجيال ضد هذا النوع من الحروب يتطلب بناء مشروع داخلي متماسك، يرتكز على تعليم قوي، وإعلام صادق، واقتصاد مستقل، ومجتمع موحد.
فالأمة التي تملك وعيا وإرادة لا تُكسر بسهولة، بل قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، لتصنع مستقبلًا يليق بتاريخها وحضارتها.
ويبقى الأهم: أن ثوابت الإسلام راسخة لا تهتز، مهما تبدّلت الظروف وتغيّرت السياسات. فهي الركيزة التي تعطي للأمة قوتها، وتشكّل الدرع الأول في مواجهة أي محاولات لإضعافها أو تشويه هويتها…