
يبدو المشهد الإقليمي اليوم وكأنه لوحة معقدة يعاد تشكيلها على وقع التوترات والصراعات، حيث تقف تركيا في مقدمة المدافعين عن وحدة الدول واستقرار الإقليم.
فلا غرابة أن تكون مواقف أنقرة في ملفات سوريا وليبيا والسودان والصومال ليست مجرد سياسات عابرة، بل خيارات مبنية على رؤية استراتيجية ترى في وحدة هذه الدول جداراً أمام مشاريع التفكيك.
في شرق المتوسط، حيث تتصارع المصالح على موارد الطاقة، اختارت تركيا أن تكون الصوت الذي يرفض إقصاءها من معادلات الغاز الإقليمية.
ليس الأمر مجرد نزاع على حقول غاز، بل هو رفض لمنطق الإقصاء والتهميش الذي قد يفتح الباب أمام تفتيت أوسع. وقد أشارت أبحاث عديدة إلى أن تركيا لا تدافع فقط عن مصالحها، بل تدافع ضمنياً عن حق كل دول المنطقة في شراكة عادلة على أساس القانون الدولي.
في السودان، لم يكن دعم أنقرة للحكومة الشرعية مجرد موقف عابر، بل تجسيد لقناعة بأن استقرار السودان هو مفتاح استقرار القرن الإفريقي.
وفي الصومال، جاء الموقف التركي داعماً لبناء مؤسسات الدولة في مقديشو، في وجه محاولات شرعنة الانفصال. كل هذه المواقف تشير إلى أن تركيا لا تنظر إلى هذه الملفات كأوراق تفاوضية، بل كجزء من مبدأ أخلاقي وسياسي لحماية المنطقة من الانزلاق إلى فوضى الدويلات.
إن هذه الرؤية تحمل في طياتها دعوة صريحة للتنسيق المصري-التركي، خاصة في الملفات التي تتقاطع فيها المصالح كغزة والصومال والسودان.
فما يجمع القاهرة وأنقرة في هذه المواقع أكبر بكثير مما يفرّقهما، والتنسيق بينهما ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات المشتركة.
نقول شكراً تركيا على هذه الخيارات الصعبة والمواقف الرشيدة.
هذه المواقف ليست مجرد سياسات، بل هي انعكاس لفهم عميق بأن استقرار المنطقة لا يمكن أن يُبنى على تفكيكها. ومن هنا، تأتي الدعوة لتعميق الشراكة المصرية-التركية كحجر زاوية في الحفاظ على تماسك هذه المنطقة في وجه العواصف.







