مقالات ورأى

د. سعيد النشائي يكتب: الديمقراطية من زاوية تاريخية.. طبيعة المرحلة والصراع الطبقي

خلال الأسابيع الأخيرة، قدم الدكتور المنصف المرزوقي، الرئيس السابق لتونس، والدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، مقالات متميزة ومهمة عن الديمقراطية بشكل عام وفي العالم العربي بشكل خاص.

وكانت آخرها مقالة الدكتور أيمن نور التي علق فيها على مقالة الرئيس المرزوقي، حيث تناولا الديمقراطية من زاوية ليبرالية.

يسعدني هنا أن أقدم وجهة نظري المتواضعة من زاوية أخرى، وهي الزاوية التاريخية وطبيعة النظام والصراع الطبقي.

تُعرف الديمقراطية كما يراها العالم منذ الثورة الفرنسية بأنها شكل متحضر من أشكال إدارة الصراع بين الطبقات في مجتمع أساسه طبقتي الرأسمالية الكبيرة والبروليتاريا، بالإضافة إلى الفئات الأخرى التي تدور في فلكهما وفقاً للمرحلة التاريخية والظروف.

هذه الديمقراطية الغربية، التي أشار الدكتور أيمن نور إلى عيوبها، تمر بمراحل مختلفة: الشباب، العمر الوسط، والشيخوخة.

حالياً، تمر بمرحلة تدهور، كما نرى في الولايات المتحدة التي يسيطر عليها الاستعمار الاستيطاني العدواني، واللوبي الصهيوني، واحتكارات الأسلحة وغيرها.

الديمقراطيات الأوروبية تتجه نحو النازية، وأحدثها ماري لوبان في فرنسا. هذه الأعراض تدل على شيخوخة الديمقراطية الغربية التي تخضع للاحتكارات الرأسمالية.

من جهة أخرى، دول العالم الثالث التي حصلت على استقلالها عن طريق حروب التحرير الشعبية، مثل فيتنام، قدمت نموذجاً يُحتذى به.

بعد استقلالها، تبنت فيتنام نمط تنمية برجوازي، ثم انتقلت إلى التنمية الاشتراكية، مركزة على البعد الاجتماعي ومستوى المعيشة والخدمات، حتى أصبحت صادراتها تفوق 370 مليار دولار سنوياً.

دول أمريكا اللاتينية، مثل كوبا، البرازيل، فنزويلا، كولومبيا، بوليفيا، وأوروغواي، تتميز بحركاتها في التحرر الوطني والخلاص من الاستغلال الأمريكي، مع طابع اشتراكي ذي بعد اجتماعي.

هذه الدول تحقق اندماجاً تاريخياً بين الثورتين الوطنية-الديمقراطية والاشتراكية، مما يوفر درساً مهماً للشعوب التي تعاني من الإمبريالية.

وفي العالم العربي، يبدو أن الرئيس المرزوقي قد أُحبط من فشل الربيع العربي.

العالم العربي يتميز بأن معظم أنظمته ديكتاتورية عسكرية، فاسدة، غير وطنية، وخاضعة للإمبريالية الأمريكية.

هذا يجعل التقسيمات الكلاسيكية (قومية، ناصرية، شيوعية، إخوان، بعث) غير صالحة في هذه المرحلة التاريخية.

بل إن التقسيم الحالي هو بين معسكر التحرر الوطني، وهو معسكر الثورة والديمقراطية، ومعسكر الشر، وهو معسكر العملاء والأدوات للإمبريالية والثورة المضادة.

في هذه المرحلة، جبهة المقاومة هي جبهة الوطنية والديمقراطية.

أدعو جميع الأفراد والقوى السياسية لمزيد من النقاش حول هذه المواضيع الحيوية والمهمة لمستقبل شعوبنا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى