اقتصاد دوليتقارير

تداعيات اقتصادية محتملة بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل

تشهد منطقة الشرق الأوسط تصاعداً كبيراً في الأحداث، حيث تتصاعد الاضطرابات والتوترات الجيوسياسية في الفترة الأخيرة.

وآخر هذه الأحداث هو الهجوم الإيراني على إسرائيل، كرد فعل على الغارة التي استهدفت مقر القنصلية الإيرانية في دمشق. وهذا يثير العديد من السيناريوهات المحتملة بشأن مستقبل الصراع وأي تصعيد قد يحدث في هذا السياق.

ونظراً لأهمية المنطقة بالنسبة للاقتصاد العالمي، فإن الاضطرابات المتزايدة والعواصف المتعددة التي تشهدها تثير مخاوف أكبر بشأن تأثير هذه التطورات على حركة التجارة العالمية واقتصاد العالم بشكل عام.

ومع تصاعد هذه الاضطرابات، تحدث تطورات جيوسياسية مختلفة في العالم، بما في ذلك الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ أكثر من عامين.

في تقريرها الأخير، حذرت منظمة التجارة العالمية من خطر تعطل التجارة نتيجة التوترات الجيوسياسية وزيادة التحجيم وتفاقم الأزمة في الشرق الأوسط. وأشارت المنظمة إلى أن الهجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر قد أدت إلى تغيير مسار التجارة بين أوروبا وآسيا.

  • ومن المتوقع أن تشهد تجارة السلع العالمية تعافيا هذا العام، ولكن بوتيرة أبطأ من التوقعات السابقة بسبب تراجعها في العام الماضي للمرة الثالثة خلال 30 عاما.
  • وأيضاً متوقع أن يزيد حجم تجارة البضائع بنسبة 2.6 في المئة في عام 2024 و3.3 في المئة في عام 2025 بفضل تراجع الضغوط التضخمية، بعد انخفاضها بنسبة 1.2 في المئة في العام الماضي. وكانت التوقعات السابقة للمنظمة تشير إلى زيادة بنسبة 3.3 في المئة في عام 2024.

تداعيات الهجوم

أكد الخبير الاقتصادي، أنور القاسم، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، أن التحول الاستراتيجي وانتقال الحرب مع إيران من حرب بالوكالة إلى استهداف مباشر قد يؤثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط والاقتصاد الدولي الذي بدأ مؤخرًا في التعافي.

وأشار إلى أهم الخسائر المحتملة التي قد يتكبدها الاقتصاد العالمي، نتيجة الهجوم الإيراني على إسرائيل، ومن بينها تأثير حركة الطيران المدني فوق سماء دول الشرق الأوسط، والتي قد تتسبب في خسائر كبيرة، خاصةً أن هذا الصراع المباشر يحدث في بداية موسم الصيف، ومع عودة الحركة السياحية في أغلب الدول.

ومن بين التأثيرات المحتملة لتصاعد التوترات، تأثير انسيابية التجارة في البحر الأحمر، خاصةً بعد اختطاف إيران لناقلة إسرائيلية واستمرار تهديدات الحوثيين والإيرانيين لخط التجارة الدولي، وهذا بدوره سيؤدي إلى تقليص التعافي الاقتصادي العالمي وإضافة أعباء جديدة لتبعات الحرب في أوكرانيا، وبالتالي من المتوقع أن تتأثر حركة التجارة في البحر المتوسط.

وبالنظر إلى السيناريوهات المحتملة للتصعيد في المستقبل، أكد الخبير الاقتصادي أنه في حال استمرار هذه الحرب أو توسعها بشكل أكبر، فإن صدمة الاقتصاد العالمي ستكون هائلة.

ومع ذلك، فإن هناك شكوكًا إلى حد ما بشأن احتمالية توسع الحرب بعد استبعاد الولايات المتحدة. فالدول السبع الكبرى ستعمل على تحصين أي تأثير اقتصادي سلبي يمكن أن ينجم عن الأحداث التي جرت الليلة الماضية.

وبعد دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن لهذه الدول لعقد اجتماع سريع للتصدي لتداعيات الرد الإيراني واحتمالية الرد الإسرائيلي المدعوم من الدول الغربية والدول السبع الكبرى.

وفي وقت متأخر من مساء السبت، قامت إيران بإطلاق طائرات مسيرة مفخخة وصواريخ على إسرائيل في أول هجوم مباشر على الأراضي الإسرائيلية. وجاء هذا الرد كرد فعل على الضربة الجوية التي يُعتقد أنها نفذتها إسرائيل على مجمع سفارتها في دمشق في الأول من أبريل، والتي أسفرت عن مقتل مسؤولين من الحرس الثوري.

كل الخيارات مفتوحة

أوضح مستشار المركز العربي للدراسات والبحوث، أبو بكر الديب، في تصريحات خاصة، أن هناك العديد من السيناريوهات الممكنة بعد الهجوم الإيراني الأخير، ومن المؤكد أن تؤثر تلك السيناريوهات بشكل أو بآخر على الاقتصاد العالمي.

وأشار الديب إلى أن السيناريوهات لا تزال مفتوحة وتعتمد على تطورات الوضع وما إذا كان التصعيد سيستمر أم لا. وهل ستقوم إسرائيل بالرد على الهجوم، وما هو شكل وحجم هذا الرد؟ وهل ستشارك الولايات المتحدة وبريطانيا في الرد الإسرائيلي أم ستضغطان على إسرائيل للامتناع عن الرد؟ وهذه الضربات غير مسبوقة، حيث تم استهداف إسرائيل مباشرة من الأراضي الإيرانية وتمت تبنيها من قبل إيران، وتمكنت إيران من اختراق الأجواء الإسرائيلية.

وأكد الديب أن جميع هذه التداعيات ستؤثر على حركة التجارة الدولية في الشرق الأوسط، خاصة وأن المنطقة تعتبر مصدرًا هامًا للطاقة للعالم.

وأشار إلى أن اندلاع التوترات وتصاعدها سيؤدي بالتأكيد إلى “كارثة اقتصادية” ستؤثر بشكل كبير على الاتحاد الأوروبي الذي يعتمد على الصادرات من الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية.

وأكد الديب أن الخاسرين الاقتصاديين الرئيسيين من هذه التوترات هما إسرائيل وإيران نفسهما.

وأوضح أن اقتصاد إسرائيل يعاني بالفعل ويتكبد خسائر منذ ستة أشهر، على الرغم من الدعم القوي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ومن المتوقع أن يتأثر الاقتصاد الإيراني بشكل كبير أيضًا.

وأشار إلى أن تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران في الشرق الأوسط سيؤدي إلى تصاعد التوتر في مناطق أخرى أيضًا. بالإضافة إلى الصراع المستمر بين روسيا وأوكرانيا منذ أكثر من عامين، وهذا سيضع العالم في موقف حرج يهدد بالكوارث الاقتصادية والركود.

وتحدث الديب أيضًا عن أهمية مضيق هرمز الاستراتيجية لإيران وللتجارة العالمية. وأوضح أن إيران هي دولة منتجة للنفط والطاقة، وإذا تعرضت لضربة من إسرائيل أو الولايات المتحدة، فسيتأثر إمداد الطاقة العالمي، وبالتالي سترتفع أسعار النفط بشكل كبير إذا استمر التوتر.

تأثيرات سلبه متوقعة على الاقتصاد العالمي

قال الخبير في الشؤون الأوروبية، محمد رجائي بركات، في تصريحات خاصة:

  • إن تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط قد يؤدي إلى زيادة أسعار النفط بشكل كبير، مما يسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج والأسعار، تشابهاً بما حدث جراء الحرب في أوكرانيا.
  • وفي حال استمرار استهداف السفن أو احتجازها تماماً كما حدث خلال الأسبوع الماضي عندما استولت إيران على سفينة تابعة لرجل أعمال إسرائيلي، وربما إغلاق مضيق باب المندب أمام حركة السفن، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة تكاليف النقل البحري والتأمين على السفن ونقل البضائع، مما يتسبب في تأثير سلبي مباشر على الاقتصاد العالمي.
  • ويأتي هذا في سياق الخسائر المالية والاقتصادية التي نجمت عن استهداف الحوثيين للسفن التجارية خلال الأسابيع الماضية على الاقتصاد العالمي.

أفاد الخبير الاقتصادي، مازن أرشيد، بأن القطاع الجوي تعرض لاضطرابات عديدة بسبب الضربات التي شنتها إيران على إسرائيل الليلة الماضية، مما أدى إلى إلغاء العديد من الرحلات الجوية في المطارات الإسرائيلية وتعطيل الحركة الجوية بشكل عام، مما تسبب في خسائر اقتصادية للقطاع بسبب الحاجة لتعزيز الأمن وإدارة المخاطر.

وأشار إلى أن القطاعات المتعلقة بالأمن والدفاع تواجه زيادة في النفقات الأمنية والدفاعية، مما يضع ضغوطًا مالية على الميزانية العامة ويمكن أن يؤثر سلبًا على التخطيط الاقتصادي الشامل، نتيجة للتوترات المتصاعدة.

وتوقع أن يتراجع الاستثمار الأجنبي في إسرائيل والمنطقة بسبب الوضع الأمني المتوتر، مما يعرقل النمو الاقتصادي ويقلل من فرص العمل المتاحة في السوق.

ومع ذلك، أشار إلى أن تأثير هذه الأحداث على أسواق النفط قد يكون محدودًا، خاصة في حال عدم رد إسرائيل على الهجمات، نظرًا لتوافر الإمدادات العالمية والمرونة في التعامل مع الأزمات على مستوى العالم.

التأثير المباشر

في سياق آخر، أشار الخبير الاقتصادي محمد الرمضان إلى أن إسرائيل تتأثر بشكل مباشر بتأثيرات متفاوتة، بالإضافة إلى التأثيرات التي قد تواجهها دول المنطقة.

وأوضح الرمضان أن إسرائيل تعاني من أزمات اقتصادية كبيرة، ولكن الولايات المتحدة تقوم بتعويضها من خلال تقديم الدعم المادي والعسكري. وتختلف درجة التأثير على دول المنطقة، وذلك من خلال حركة التجارة في مضيق هرمز بالنسبة لتجارة النفط، ومضيق باب المندب وقناة السويس التي تتأثر بتكاليف الشحن والتأمين على السفن بسبب الاضطرابات التي تشهدها المنطقة بين جميع الأطراف.

وأشار إلى أننا شهدنا في الأيام الماضية اختطاف سفينة من قبل القوات الإيرانية، وتهديد الحوثيين للسفن التي تدعم الحرب في غزة، مما يؤثر سلبًا على حركة التجارة العالمية.

وأكد أن استمرار الضربات من جانب واحد أو من جوانب متعددة سيفرض طبيعة جديدة على الوضع الاقتصادي في المنطقة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى