سياسةمقالات ورأى

يوسف عبداللطيف يكتب: الشعب الذي ينتخب الفاسدين ليس ضحية بل شريكا في الجريمة

وتحت هذا الإطار، يمكن أن نتساءل عن دوافع اختيار الفاسدين وتواطؤ الشعب في هذه العملية الانتخابية. وقد تكون هذه الدوافع متعددة وتتعلق بعوامل اجتماعية واقتصادية وثقافية. ومن المهم بالتالي فهم السياق الذي يؤدي فيه الشعب إلى اختيار الفاسدين ودور الأنظمة السياسية والثقافية في تشجيع هذا السلوك.

وأعتقد بأن الشعوب التي تنتخب الفاسدين وتدعمهم ليسوا ضحايا بل شركاء في الظلم والفساد وهذا المفهوم يستحق التفكير، لأنه ينطبق على حالات كثيرة في العالم حتى اليوم، حيث يختار الناس الفاسدين ويساهمون بشكل مباشر في استمرار فسادهم وسوء إدارتهم

وحيث تلقى تلك المقولة الضوء على المسؤولية الفردية والجماعية في تشكيل مستقبلنا السياسي وإذا كان الشعب يملك القدرة على تغيير الأوضاع واختيار القيادات المناسبة، فإنه ليس بإمكانه أن يبرر اختيار الفاسدين والمفسدين ليديروا شؤونه ولذا فإن النظرة إلى الشعب كشريك في الجريمة، بدلا من تصويرهم فقط كضحايا، تعكس الحاجة إلى تغيير في الوعي السياسي والمشاركة المدنية وذلك لأن جورج أورويل يري هذا التصرف يجعلهم شركاء في الظلم والفساد الذي يعيشونه.

وفي الواقع، تعبر هذه العبارة عن فكرة رئيسية مهمة في السياسة والديمقراطية. فهي تشير إلى مسؤولية المواطنين في اختيارهم للحكام والسياسيين. وفي نظام الحكم الديمقراطي، يمتلك الشعب السلطة لاختيار الحكومة التي تمثله وتدير شؤونه. وبالتالي، فإن اختيار الفاسدين يعكس فشل المواطنين في ممارسة حقوقهم بشكل مسؤول. وبالتالي، فإنهم يصبحون شركاء في الفساد الذي ينتج عن سوء الاختيارات التي يقومون بها.

ونظام الحكم الديمقراطي يعتمد على مشاركة المواطنين في صنع القرارات السياسية، وبالتالي، فإنه من المهم جداً أن يكون الناخبون على دراية بالقضايا وأن يمارسوا حقهم باختيار من يمثلهم بشكل مدروس ومسؤول. وقد تكون الظروف السياسية والاقتصادية التي يعيشها الناس تحد من خياراتهم، ولكنهم في النهاية مسؤولون عن النتائج التي تنتج عن قراراتهم.

وبالتالي، فإنه من المهم تشجيع الوعي السياسي والمشاركة الفعالة في العملية الديمقراطية. ويمكن أن يحقق ذلك من خلال توفير معلومات موثوقة للناخبين وتعزيز الشفافية ومكافحة الفساد. وعلاوة على ذلك، يجب تعزيز الوعي بأهمية اختيار النزفاء وتحفيز الناس على المشاركة الفعالة في العملية السياسية.

وبالطبع، يجب أن نعرف أيضًا أن هذه العبارة تشير إلى ضرورة لم الشمل والتضامن بين الشعوب لمكافحة الفساد وتعزيز الديمقراطية. ومن خلال فهم مسؤولية الشعب في تشكيل الحكومة وتحقيق التغيير الإيجابي، يمكن للمجتمعات أن تعمل معًا لبناء بيئة سياسية أكثر شفافية ومسؤولية.

وإذا كنا نريد تغيير هذا الموقف، فإن على الناس أن يكونوا حذرين في اختيار من يمثلهم وأن يمارسوا حقهم في التصويت بشكل مسئول، حتى يمكنهم المساهمة في بناء مجتمع يسوده العدالة والنزاهة.

وبهذا، من الممكن أن يكون لتعبير جورج أورويل الشهير تأثير إيجابي في تشجيع الشعوب على التفكير بعمق في دورهم السياسي والمجتمعي، وفي تحقيق التغييرات التي من شأنها تحسين جودة الحكم وتعزيز الشفافية والنزاهة في السياسة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى