صحافة دولية

مناورة أم “انتحار” ..هل يدعو نتانياهو لانتخابات مبكرة؟

يتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لضغوط محلية ودولية مع إلقاء عدد من الإسرائليين باللوم عليه في الإخفاقات الأمنية التي أدت إلى هجوم السابع من أكتوبر، ومقتل نحو 1200 شخص في إسرائيل، كما يواجه ضغوطا بشأن طريقة تعامله مع الحرب التي أدت إلى مقتل أكثر من 31 ألف شخص في قطاع غزة.

والسبت الماضي، تظاهر الآلاف في تل أبيب للمطالبة برحيل حكومة  نتانياهو “الفاسدة” هاتفين “انتخابات! الآن!” و”أعيدوا الرهائن!”، وفق تقارير سابقة لرويترز وفرانس برس.

وطالب المتظاهرون بإجراء انتخابات مبكرة، متهمين نتانياهو باتخاذ قرارات مبنية على الحفاظ على ائتلافه اليميني سليما، وليس على مصالح إسرائيل في وقت الحرب.

وقال محتجون إنه عرض التحالف الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة للخطر من خلال رفض المقترحات الأميركية لرؤية ما بعد الحرب لغزة، من أجل استرضاء أعضاء اليمين المتطرف في حكومته.

وكشفت صحيفة بوليتيكو الأميركية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يبحث فكرة الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، “وإذا ما كان ذلك التكتيك الأفضل بالنسبة له، في محاولة لإبقاء قبضته على السلطة مع تصاعد الضغوط في الداخل والخارج”.”بوليتيكو”: نتانياهو يبحث إجراء انتخابات مبكرةكشفت صحيفة “بوليتيكو” الأميركية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يفكر في الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، “وقد تكون التكتيك الأفضل بالنسبة له في محاولة إبقاء قبضته على السلطة مع تصاعد الضغوط في الداخل والخارج”.

لكن في الأسبوع الماضي، سارع نتانياهو وحزبه الليكود، إلى انتقاد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي، تشاك شومر، الذي دعا صراحة إسرائيل لإجراء انتخابات.

واعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي في تصريحات لشبكة “سي أن أن” أن تعليقاته “غير ملائمة على الإطلاق”. بينما قال حزب الليكود، إن إسرائيل ليست “جمهورية موز”، مؤكدا أن نتانياهو يقود سياسة تحظى بـ “تأييد عام كبير”، وفقا لما نقلت رويترز.

وتعهد نتانياهو بالرد على أي ضغوط تمس هدفه المتمثل في القضاء على حماس، وقال خلال مقابلته مع “سي أن أن” إن الدعوات لإجراء انتخابات جديدة لا تؤدي إلا إلى صرف الانتباه عن حل الصراع.

ويرى وديع عواودة، محلل الشؤون الإسرائيلية، في تصريحات لموقع الحرة أن آخر ما يفكر فيه نتانياهو هو الانتخابات المبكرة لأن ذلك سيكون “انتحارا سياسيا”، ويعتقد عواودة، المقيم في إسرائيل، أن التصريحات المتعلقة بشأن رغبته في إجرءا انتخابات ربما هي “جزء من تضليل وتخدير المعارضة”.

ويضيف المحلل أن استطلاعات الرأي كلها ليست بجانبه، وهو متهم وسط الرأي العام “بإعطاء أولوية للاعتبارات الشخصية والفئوية، رغم تكلفة ذلك وفقدان المكاسب الإسرائيلية في الحرب ودخول حرب استنزاف طويلة والتنازل عن الرهائن في غزة”.

ويقول عواودة إن جميع المؤشرات تؤكد عدم قبول الشارع له، وحتى الشارع اليميني الذي يريد اليمين في الحكم يريد استبدال نتانياهو وحكومته.

لكن المحلل السياسي، جلال بنما، يرى أن نتانياهو، الذي ترأس حكومات إسرائيل لفترة 16 عاما من أصل العشرين عاما الأخيرة “قادر على تغيير أي شيء لصالحة وللاعتبارات السياسية، والسر في هذا أنه يُسخر مستجدات ويستخدم غيره من أجل مصالحه”.

وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير نشرـ الشهر الماضي، إن نتانياهو لديه خبرة مذهلة في تجاوز تعقيدات السياسة الإسرائيلية، بعد أن نجا مرات عدة سابقة من السقوط، كما أنه ليس مطالبا بإجراء انتخابات جديدة، حتى أواخر أكتوبر 2026.

ويقول بنا في شرحه لكيفية تغلب نتانياهو على العقبات التي تقف في طريقه للبقاء في السلطة إنه تحالف من قبل مع قيادات وأحزاب “بهدف القضاء عليها”، مثل حزب كاديما الذي حكم إسرائيل في السابق، وحزب العمل الذي كان من الجيل المؤسس لدولة إسرائيل، وحتى مع شريكة الحالي، بيني غانتس، الذي وعده في حكومته السابقة بأن يحصل على نصف المدة في رئاسة الحكومة لكنه سرعان ما أخلف بوعده.

ونتانياهو سبق أن ذهب “وتوسل” لمجموعات في المجتمع الإسرائيلي كان قد انتقدها وعمل ضدها، من بينها القادمون الجدد من روسيا والشرقيون وحتى الأقلية العربية، الذين سبق أن اتهمهم بأنهم يتسابقون إلى صناديق الاقتراع، وبعد ذلك سرعان ما ذهب إليهم وتوسل أن يدعموه في الانتخابات، حتى أنه وعد بتعيين وزير عربي، لكن كل الوعود التي صرح بها لم ينفذها، وفق بنا في تصريحاته لموقع الحرة.

ويرى المحلل بنا، المقيم في إسرائيل، أن قضية تبكير الانتخابات بالنسبة لنتانياهو “واردة جدا” وسبق أن نفذها حين شعر أن هناك منافسين قد يشكلون خطرا عليه داخل حزب الليكود الذي يتزعمه.

وأشارت صحيفة نيويورك تايمز في تقريرها إلى أن أحد المسارات لخروج نتانياهو من السلطة التصويت على “حجب الثقة البناء”. ومن حيث المبدأ، يمكن لأي عضو في البرلمان يحصل على دعم أغلبية أعضائه أن يصبح رئيسا للوزراء.

وفي الحكومة الحالية التي يقودها الليكود، من المرجح أن يفعل ذلك أحد أعضاء الحزب.

وقال أمنون أبراموفيتش، المحلل السياسي في القناة الـ12 الإسرائيلية للصحيفة إن خمسة مشرعين على الأقل من حزب الليكود سيتعين عليهم الانفصال عن الحكومة الحالية وإيجاد بديل لنتانياهو من داخل حزبهم، ثم الحصول على موافقة أغلبية المشرعين على اختيارهم. والهدف من هذه الآلية هو إسقاط الحكومة مع إبقاء الليكود في السلطة وتجنب إجراء انتخابات مبكرة.

والمشكلة، وفق أبراموفيتش، أن قادة الليكود الذين يفترض يقودوا مثل هذه المناورة، مثل وزير الدفاع يوآف غالانت، أو رئيس بلدية القدس السابق، نير بركات، أو يولي إدلشتين، رئيس الكنيست السابق، يريدون أن يقف الآخرون خلفهم”، أي كل واحد منهم يريد أن يكون الزعيم.

ويقول بنا إن نتانياهو لو اتخذ خطوة إجراء انتخابات مبكرة، سيحقق بعض الأهداف، أولها مفاجأة الأحزاب المنافسة له، لاسيما أن حزبه، وفقا لاستطلاعات الرأي، سيخسر تشكيل أي حكومة قادمة.

وثانيا، سيجهز نتانياهو نفسه ربما لتغير رئاسي في الولايات المتحدة، وهو يتوقع أن يكون الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، صاحب حظوظ كبيرة في العودة لسدة الحكم، وبالتالي سيحاول البقاء في السلطة لتحسين العلاقات مع ترامب “ومحاولة استخدام” الأخير لإعادة عجلة التطبيع مع الدول العربية في إطار بناء تحالف أميركي إسرائيلي عربي بمواجهة حركة حماس، ولإقامة حكم جديد في غزة لا يشمل السلطة الفلسطينية.

ويقول بنا إنه رغم أن نتانياهو “مراوغ سياسي وتمكن من القضاء على كل منافسيه ومن يشكل عليه خطر داخل حزبه وداخل الأحزاب في إسرائيل” إلا أنه سيواجه تحديا كبيرا في اليوم الذي تنتهي به الحرب، إذ من المتوقع أن تزداد الاحتجاجات ضده.

ويضيف أن نتانياهو وائتلافه لم يتمكنا من تغير المنظومة القضائية بعد سن القوانين التي تمنحه صلاحيات أكبر “وتساعده من التهرب من الحكم الذي يتوقع أن يصدر بحقه في أربع قضايا فساد ورشوة وخيانة الأمانة”

والأهم من كل هذا، وفق بنا، هو احتمال تشكيل لجنة للتحقيق في الإخفاقات الأمنية والسياسية التي سبقت الحرب التي يرى المجتمع الإسرائيلي أنها تسببت بتعاظم قوة حماس، خاصة ما يتعلق بسياسة نتانياهو التي سمحت بتحويل ميزانيات وأموال كبيرة من قطر لحركة حماس، والتي اعتقد نتانياهو أنها تفيد من ناحية استمرار الهدوء مع غزة، واستمرار الانقسام الفلسطيني وخلق كيانين فلسطينيين، الأول تابعة للسلطة وحركة فتح يبقى على الحياة من خلال التنسيق الأمني في الضفة الغربية، والثاني تابع لحركة حماس في غزة، يعيش على الأموال القطرية.

ويقول عواودة إن هناك أغلبية في الشارع الإسرائيلي تريد استمرار الحرب حتى تتحقق الأهداف منها، ليس من باب فقط الانتقام، وإنما لأنهم لا يريدون رؤية بلادهم عاجزة عن تحقيق الانتصار واستعادة هيبتها، لكن الخلاف مع نتانياهو يتعلق “بطريقة ادارة الحرب وخلط الحسابات والعبث بمصالح إسرائيل العليا”.

ويشير عواودة أيضا إلى اعتبارات أخرى أدت هبوط شعبيته وهي ارتكازه بعض الوزراء اليمنيين الذين يفتقرون للخبرة ويدلون بتصريحات خطيرة.

ورغم أن الشارع يميل لليمين لكنه غير راض عن وجود وزراء بلا تجربة أمنية ورؤية استراتيجية وليست لديهم خبرة في إدارة  الشؤون المحلية أو العسكرية أو الدبلوماسية، وتصريحات هؤلاء ضد واشنطن والغرب “فيها ذبح لبقرات مقدسة وهذا يثير مخاوف في الشارع”. وفق عواودة.

ورغم اضطرار نتانياهو للتحالف مع هؤلاء، إلا أن الإسرائيليين لديهم خطوط حمراء “في كل يتعلق بالبقر المقدس الممنوع الاقتراب منه على حساب مصالح فئوية والعبث بمستقبل ووجود إسرائيل نفسه”.

لكن نتانياهو غير قادر على إثارة غضب ائتلافه المكون من هذه الأحزاب اليمينية، خشية انهيار حكومته.

ولدى نتانياهو 64 مقعدا في الكنيست المؤلف من 120 عضوا، لذا فإن انشقاق خمسة أعضاء فقط من شأنه أن يسقط الحكومة، ويفرض إجراء انتخابات في غضون ثلاثة أشهر.

ويقود نتانياهو حزب الليكود، لكن لتشكيل حكومته كان عليه إشراك خمسة أحزاب أخرى، بما في ذلك حزبان صغيران من اليمين المتطرف، بقيادة بتسلئيل سموتريش (وزير المالية) ، وإيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي).

وقد يقرر سموتريتش أو بن غفير ترك الائتلاف لخوض انتخابات يحصلون من خلالها على المزيد من أصوات ناخبي الليكود اليمينيين الذين يعارضون نتناياهو وحزبه بسبب إخفاقات السابع من أكتوبر.

وتشهد حكومة الحرب الإسرائيلية منافسة سياسية بين نتانياهو والزعيم الوسطي، وزير الدفاع السابق، بيني غانتس، المتقدم في نوايا التصويت.

وكشفت الزيارة التي قام بها غانتس لواشنطن ولندن، مؤخرا، عن الخلافات العميقة بين الرجلين، في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل بسبب الأزمة الإنسانية الكبرى في غزة.

ووافق غانتس على الانضمام إلى حكومة الحرب من أجل الوحدة الوطنية بعد الهجوم الذي شنته حماس، لكن التوترات بينهما لم تهدأ أبدا.

وقام بغانتس بهذه الزيارة الخارجية لعرض مكانته كرئيس وزراء محتمل في المستقبل وقبل كل شيء للبدء في التحضير لخروجه من الحكومة، وبالتالي هو يحاول الاستفادة من القلق المتزايد الذي تبديه واشنطن من مسار الحرب في قطاع غزة المهدد بالمجاعة.

ومع ذلك، تظهر استطلاعات الرأي، وفق بوليتيكو، دلائل على أن الأمور “قد تتأرجح لصالح نتانياهو”، منذ أن انفصل عضو الحزب السابق، جدعون ساعر، و3 مشرعين آخرين عن تحالف الوحدة الوطنية، الذي يضم بيني غانتس، حسب بوليتيكو.

ووفقا لاستطلاع رأي نشرته القناة 14 الإسرائيلية في أعقاب خروج ساعر من الحزب، الأسبوع الماضي، فإنه “سيكون لدى نتانياهو فرصة للبقاء في السلطة”، ومن المحتمل أن تحصل كتلته على “أغلبية في الكنيست بفارق ضئيل”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى